حقوق الإنسان في البحرين .. سجون فظيعة وتنوّع في عمليات التعذيب
تظهر التطورات الميدانية والصراعات التي اندلعت في البحرين منذ عام 2011 وحتى هذه اللحظة بأن هناك هويتان متضاربتان ومتضادتان تتعديان المقاربات الطائفية والعرقية. الأولي تتمثل في الهوية البحرينية، التي يستفيد منها حوالي 90 في المئة من السكان البحرينيين، ولكن الهوية الأخرى، فهي متعلقة بأسرة “آل خليفة”، التي تهتم فقط ببقاء عرشها وملكها، ولهذا فإنها لا تتردد في ارتكاب أي جريمة ضد الأغلبية الساحقة من شعبها وخلال السنوات الماضية عمل “آل خليفة” إلى جانب السعودية وأمريكا والقوى الغربية، وقاموا بتوجيه اتهامات مثل الطائفية والإرهاب ضد المتظاهرين البحرينيين المسالمين.
ولهذا فإننا في مقالنا هذا سوف نسلط الضوء أكثر على حجم انتهاكات حقوق الإنسان والأعمال التمييزية والعنصرية التي يقوم بها نظام “آل خليفة” ضد الشيعة في البحرين وقمعه للمظاهرات السلمية.
الظروف البائسة للسجون والتنوع الواسع في عمليات التعذيب
لأكثر من خمس سنوات منذ ثورة 14 فبراير، ارتكب نظام “آل خليفة” قائمة طويلة من الجرائم الدموية بحق أبناء الشعب البحريني.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للنظام استخدمت خلال السنوات الماضية أساليب متنوعة لإيذاء السجناء وقامت بعزلهم وتعذيبهم داخل العديد من السجون الفظيعة.
ولفتت تلك المصادر الإخبارية إلى أنه تم إصدار عدد من التصريحات الدولية وحقوق الإنسان التي تدين هذه الجرائم، لكن تلك التصريحات لم يكن لها القدرة على اتخاذ خطوات عملية لحماية السجناء وردع عناصر الأمن التابعة لنظام “آل خليفة”. وهنا تجدر الإشارة إلى أنه منذ عام 2011 غلّظت حكومة البحرين العقوبات القانونية للتهم المتعلقة بحرية التعبير.
وفي عام 2014، تمت الموافقة على مشروع قانون يزيد من عقوبة الحبس والغرامة على كل من يسيء لملك البلاد أو النظام الحاكم.
وقد أدخلت هذه التعديلات أحكاماً بالسجن تصل إلى سبع سنوات وإلى غرامة تصل إلى عشرة ألف دينار بحريني ضد أي شخص يرتكب هذه الجرائم التي صنفتها حكومة البحرين وبهذا الأمر فلقد فتحت هذه التعديلات مجالاً واسعاً لتجريم أي شكل من أشكال التعبير عن الرأي.
وهنا يرى العديد من الخبراء والحقوقيين أن السلطات البحرينية تنتهك أحد أكثر حقوق الإنسان أساسيةً من خلال تجريم الأفراد لممارستهم حرية التعبير، وذلك باستخدام تهم غامضة وفضفاضة وغير محددة.
ويعتقدون بأن هذه الاتهامات إنما توجَّه بهدف إسكات المعارضين والنشطاء ومنع البحرينيين من المطالبة بالحقوق والإصلاح السياسي.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من التقارير بأن البحرين احتلت المركز الأول عربياً في نسبة عدد السجناء، إذ وصل رقمهم في مؤسساتها السجنية إلى حوالي أربعة آلاف سجين. ولفتت تلك التقارير إلى أن تردي أوضاع السجون في البحرين يمثل الوجه الآخر للاعتقال التعسفي، حيث يقبع السجناء في مؤسسات إصلاحية لا تلبي القواعد النموذجية لمعاملة السجناء، وتوفر بيئة خصبة للتعذيب وسوء المعاملة لانتزاع الاعترافات من ناحية، ومن ناحية أخرى تمثّل أداة للانتقام من المعارضين، حيث يجري استخدام الكثير من أساليب التعذيب وسوء المعاملة، التي يتعرّض لها السجناء.
أنواع وطرق التعذيب المختلفة في سجون “آل خليفة“
كشفت العديد من المصادر الإخبارية، أن سلطات البحرين ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في سجونها، عبر استخدام أساليب قمعية لإخراس أي أصوات تطالب بحقوقها المدنية، فضلاً عن تعذيب منهجي للمدافعين عن حقوق الإنسان، من الرجال والنساء، وتستخدم البحرين جهاز الأمن الوطني، في التغلب على الاحتجاجات السلمية منذ حراك 2011 واتهمت منظمات حقوقية في تقرير بعنوان “غرف الموت” هذا الجهاز باللجوء إلى القوة المفرطة وتعذيب المعتقلين في السجون. واتهم حقوقيون وزير الداخلية البحريني بالإشراف شخصياً على عمليات تعذيب في سجون البحرين، وذلك في مؤتمر حقوقي استعرض دراسة بشأن أوضاع السجون في السعودية.
ولفتت تلك المصادر الإخبارية إلى أنه تم توثيق الكثير من أساليب التعذيب وسوء المعاملة ضد السجناء السياسيين في البحرين، ومنها ما يتعلق بالحرمان من العلاج الصحي حيث تتعمد إدارة السجن ابتكار أساليب جديدة في التعذيب للضغط على سجناء الرأي والتعبير.
وكشفت تلك المصادر بأن هناك أكثر من 400 سجين مصيرهم مهدد بالموت جراء التعذيب، وهذا يكشف سر منع المقرر الأممي الخاص بالتعذيب من زيارة البحرين، فضلاً عن أن الأوضاع العامة في السجون البحرينية دون المستوى الأساسي من حيث الاحترام والعناية بالنزلاء ومن حيث الصحة والسلامة أو من حيث التأهيل والتعليم، حيث تم رصد الحالة العامة للسجون والسجناء بأنها لا تتوافق مع القواعد النموذجية لمعاملة السجناء، ولا تراعي قانون مؤسسة الإصلاح والتأهيل ولا اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
وهنا سوف نتطرق إلى بعض الأساليب المختلفة المستخدمة لتعذيب النزلاء في المبنى رقم 10 من السجن المركزي البحريني:
1) منع السجين من النوم.
2) منع السجين من الذهاب إلى المراحيض.
3) إجبار السجين على الوقوف لساعات وحتى لأيام متتالية.
4) توجيه الإهانات لمعتقدات السجين الدينية والفكرية.
5) إجبار السجين على تقليد أصوات الحيوانات وحركاتها.
6) إجبار السجين على تكرار شعارات فظيعة وقبيحة.
7) إجبار السجين على الرقص والغناء.
8) إجبار السجين على القيام بمناوبات حراسة.
9) إجبار السجين على غناء النشيد الملكي والقيام بحركات حيوانية أو إجباره على الجلوس في سلة المهملات.
10) التعذيب الجسدي والنفسي للسجناء باستخدام الهراوات والأدوات الحديدية والأسلاك الكهربائية إلى جانب الغمر في الماء البارد.
عمليات الإعدام في البحرين.. رمز لانتهاكات حقوق الإنسان
في يناير 2017، حطّمت الحكومة البحرينية الرقم القياسي في مجال الإعدام، حيث مات ثلاثة أشخاص تحت التعذيب، وقبل عام 2017، أصدرت الحكومة البحرينية حكم الإعدام في سبعة، وفي عام 2017 ارتفع هذا العدد ليصل إلى 15 شخصاً، أربعة منهم حكم عليهم بالإعدام غيابياً، ثم تم تخفيض الحكم، ولكن في عام 2018 تم إضافة حوالي 12 إلى أولئك المحكومين بالإعدام.
وفي وقتنا الحالي، هناك 20 مواطناً بحرينياً ينتظرون تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحقهم، وجميعهم متهمون بتهم سياسية.
ردود فعل المنظمات الدولية وحقوق الإنسان على أحكام الإعدام في البحرين
دعت الكثير من المنظمات الحقوقية والدولية لوقف الإعدامات وانتهاك حقوق الإنسان في البحرين وأعربت تلك المنظمات، أن استخدام البحرين للإعدام يشكل انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان، مبينة أن العديد من المنظمات المحلية والدولية وثّقت العديد من حالات التعذيب لدى المباحث في البحرين، منها استخدام الصدمات الكهربائية والتعليق والضرب المبرح والتهديد بالاغتصاب.
وهنا تحدر الإشارة إلى أن الحكومة البحرينية، قامت بإعدام ثلاثة أشخاص رمياً بالرصاص في يناير 2017.
وفي سياق متصل، طالبت ثلاث منظمات حقوقية بحرينية في عام 2018، المجتمع الدولي وبالأخص حلفاء البحرين الدوليين بريطانيا وأمريكا والمنظمات الحقوقية الدولية بالضغط على حاكم البحرين من أجل وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وأبدت تلك المنظمات الثلاث في بيان لها قلقها الشديد والخشية من تنفيذ حكم الإعدام ضد الضحيتين “الملالي” و”العرب”، وأكدت معارضتها الشديدة لجريمة الإعدام.
ولفتت تلك المنظمات إلى أنها وثّقت تعرّض “الملالي” و”العرب” للتعذيب الشديد في التحقيقات الجنائية، وانتزاع الاعترافات منهما تحت التعذيب، وتلقيهما تهديدات بتصفية أقاربهما في حال عدم التوقيع على الاعترافات.
وفيما يتعلق بالتهم التي وجهها النظام البحريني في عام 2017، لمعتقلي الرأي والتعبير، “سامي مشيمع”، و”علي السنقيس”، و”عباس السميع”، طالبت المنظمات الحقوقية الأمين العام للأمم المتحدة بالتدخل الفوري والعاجل للإفراج الفوري عن المعتقلين، وإلغاء الأحكام القضائية بحقهم، والكفّ عن تحويل حق الحياة من قبل السلطات البحرينية إلى أحد الحقوق القابلة للانتهاك بكل استخفاف بالشرعة الدولية لحقوق الإنسان.
ومن جهتها، حذّرت جمعية الوفاق البحرينية من نتائج تنفيذ أحكام الإعدام، مطالبة المجتمع الدولي اتخاذ موقف صارم أمام التطورات الأخيرة.
وذكرت بأنه سبق للمجتمع الحقوقي الدولي أن عبّر عن انعدام الثقة الدولية في السلطة القضائية التي تتقن إنتاج أحكام الاضطهاد السياسي والعدالة الزائفة بحق سجناء الرأي والتعبير في البحرين، وطالبت المجتمع الدولي باتخاذ موقف صارم حيال ما يجري من تطورات بالغة الخطورة في البحرين.