اشتراك المواد الصوتية “إيمان” تبعث الصمود والأمل في نفوس الفلسطينيات المصابات بمرض السرطان

أسست السيدة إيمان شنّن، البالغة من العمر 49 عاما مؤسسة “العون والأمل” لرعاية مرضى السرطان، منذ عشر سنوات بعد شفائها من سرطان الثدي. وهذا البرنامج هو أول جمعية في غزة سعت إلى تقديم العون للمريضات بالسرطان، ولا سيما أولئك اللواتي يملكن دخلًا محدودًا أو لا يتيسّر لهن دخل، من خلال تيسير علاجهن وسفرهن، وتقديم الدعم النفسي لهن وتعزيز مهاراتهن وقدراتهن.

 

وفي حوار خاص مع أخبار الأمم المتحدة، بمناسبة #اليوم_العالمي_للعمل_الإنساني، تحدثت إيمان عن طريق الكفاح الطويل الذي خاضته ليس فقط ل “كسر المرض العضال بل لكسر المحرمات السائدة حوله”.

 

وتقول إيمان للزميلة مي يعقوب: “فكرتي كانت أن أوجد حاضنة للنساء الفلسطينيات في غزة في ظل كل الصعاب الموجودة”، بما فيها الحصار والاحتلال وتداعياته الاجتماعية والاقتصادية والتنموية.

 

فكرتي كانت أن أوجد حاضنة للنساء الفلسطينيات في غزة في ظل كل الصعاب الموجودة — إيمان شنّن، مؤسسة العون والأمل

إيمان خريجة الجامعة الأمريكية في القاهرة، لم تعمل في مجال تخصصها وهو اللغة الإنكليزية والترجمة سوى أعوام بسيطة. تراكمت خبرتها في مؤسسات المجتمع المدني في مجال المناصرة والتأثير والنوع الاجتماعي.

 

كانت فكرة العمل الإنساني مترسخة في رأسها منذ الصغر، خاصة وأن والدها من مؤسسي الهلال الأحمر الفلسطيني في قطاع غزة. لكنها لم تفكر مرة في تكون جزءا من هذه المنظومة بشكل كبير، غير أن إصابتها بالسرطان وشفاءها منه وجولتها في كل المشافي سواء كان في مصر أو الأردن أو فلسطين 48، دفعتها لأن تفكر جديا في حال النساء الفلسطينيات غير المحظوظات اللواتي لم يحصلن على التعليم والدعم العائلي الذي توفر لها. “كان عدد ليس بالقليل منهن يفتقرن إلى الدعم النفسي من عائلاتهن. ولم يكن لديهن من المال ما يعينهن على المقاومة. وبعضهن هجرهن أزواجهن. لم يكن يغيب عن بالي كم كنّ ضعيفات وكم كنا في حاجة إلى الدعم والمساندة”.

 

عام 2008 كان لحظة فارقة في حياة إيمان

 
إيمان شنّن، مؤسسة “العون والأمل” في قطاع غزة.

في 2008، لم تستطع مغادرة قطاع غزة للمعالجة في ظل إغلاق معبر رفح وصعوبة الخروج عن معبر إريز. فوجهت نداء بأنه من حقها أن تتعالج كأم. ولكن كيف كانت ردة فعل المجتمع؟ تقول إيمان:

“كيف تتجرأ هذه أن تقول إنها تعاني من السرطان؟ ألا تخاف على أولادها؟ ألا تخاف على ابنتها من ألا يتزوجها أحد؟”

 

هذا كان أول جرس إنذار هزّ كيانها، فلماذا يفكر الناس بهذه الطريقة؟ تساءلت إيمان، لماذا الحديث عن السرطان محرم، ويشوبه نوع من القلق والشفقة؟

 

كانت تعمل إيمان دائما في مؤسسات محلية ودولية، ولكنها أخذت قرارا بعد آخر سفرة علاج إلى الأردن في 2008، أنه عليها أن تقوم بشيء يفرحها ويعزز قدرتها على تجاوز أزمة الإصابة بالسرطان وإفادة الناس.

 

وهكذا نشأت فكرة المؤسسة أو الحاضنة التي لم تسلم من حديث المجتمع: “هل هم مجانين؟ لماذا يردون التحدث عن شيء ممنوع الحديث عنه، عن مرض عضال؟

 

عندما يصاب الرجال بهذا المرض، المرأة تصبر ومجلس العائلة كله يساعد. ولكن عندما تصاب المرأة، تصبح عبئا خصوصا في ظل نقص الإمكانات في قطاع غزة– إيمان شنّن مؤسسة، العون والأمل

 

“أنا والمؤسسون الشركاء معي كنّا على قناعة أنه لا يمكن لأحد أن يعبر عن تجربتك إلا من عاشها. وبالتالي كان أول هدف لنا هو إيجاد هذه المكان وأوجدناه. بدأنا بثلاثين حالة ما بين رجال ونساء وأطفال، ونحن الآن نخدم 2700 امرأة، إذ قررنا لاحقا أن نتخصص بحالات النساء لأنهن الأكثر فقرا والأكثر تهميشا”.

 

وعن الدافع وراء التحول إلى الاهتمام بالنساء المريضات بشكل خاص، أوضحت إيمان أنه “عندما يصاب الرجال بهذا المرض، المرأة تصبر ومجلس العائلة كله يساعد. ولكن عندما تصاب المرأة، تصبح عبئا خصوصا في ظل نقص الإمكانات في قطاع غزة. وبالتالي يتم هجرها من قبل زوجها. 75% من النساء هجرهن أزاوجهن: إما لأنه متضايق من شكلها بعد استئصال ثديها أو لأنه يشعر بالعبء للمساهمة في جزء من العلاج والمصاريف”.

 

“فرحة” لم تكتمل فرحتها لكنها تركت بصمة وبسمة على وجوه كثيرات..

وتضيف إيمان أن العديد من النساء المريضات رحلن عن هذا العالم ليس بسبب السرطان ولكن بسبب نقص الدعم ونظرة المجتمع.

 

“النساء تصاب في غزة مرتين: مرة في الجسد ومرة في الشريك”، تقول إيمان.

عندما بدأنا هذه المؤسسة الكل توقع لها الفشل، ولكن بعد عشر سنوات وبعد الإنجازات التي وصلت إليها، تغير الحديث. وأصبحت المرأة تفضل الذهاب إلى مؤسسة “العون والأمل”، بدل الذهاب إلى بيت أهلها لأن المؤسسة تمدها بالقوة وتثبت عزيمتها حيث تقابل نساء يشكلن “مصدر أمل وليس مصدر ألم”.

 

وقد أنشأت مؤسسة “العون والأمل” صندوقا اسمه “فرحة فاند” داخل مركز الحسين للسرطان في الأردن. استطاع هذا الصندوق أن ينقل 36 امرأة من غزة على مركز الحسين في الأردن. أطلقنا عليه اسم “فرحة” لأن فرحة ماتت.. لأنها لم تستطع مغادرة غزة. لكنها كانت مصدر إلهام للنساء”.

قد يعجبك ايضا