اشتراك المواد الصوتية مع انتشار فاشية الإيدز في مقاطعة باكستانية، أسر الأطفال تواجه الخوف والأسئلة الصعبة
لم يخطر للعامل الطبي الباكستاني في مستشفى محلي في مدينة روتاديرو في جنوب شرق البلاد، أن فحص أبنه “مختار” سيؤكد تشخيصه بالإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية. كان فحصا احترازيا لطفله ذي الخمس سنوات، بعد تحذيرات انتشرت في وسائل الإعلام المحلية عن زيادة حالات الإصابة بالفيروس بين الأطفال في منطقته بمقاطعة السند.
بينما يجلس الطفل الذي نطلق عليه اسم “مختار” على حِجر والده، يسرد لنا العامل الطبي الباكستاني “أحمد” قصته ويقول “عندما أخبرتُ زوجتي، شرعت تلاحقني بالأسئلة: من أين أتى المرض، ولماذا أصاب طفلي تحديدا، وهل سيكتب له أن يعيش؟”
لقد امتد القلق والخوف ليغلف حياة أسرة أحمد، وحياة العديد من الأسر في كل أنحاء المقاطعة، إذ يصطف مئات الآباء والأمهات كل يوم أمام مواقع عيادات الفحص والمستشفيات لفحص أطفالهم. الكثيرون منهم لديهم معروفة محدودة جدا بماهية فيروس نقص المناعة البشرية.
وكانت طبيبة محلية في راتوديرو قد أطلقت تحذيرا في نهاية نيسان/أبريل الماضي من أن عددا من الأطفال تحت رعايتها قد ثبت إصابتهم بفيروس الإيدز في فترة قصيرة جدا. استجاب المسؤولون الصحيون بتوسيع دائرة الفحص في مقاطعة لاركانا. وبعد أكثر من ستة أسابيع من الفحوصات، تم تشخيص أكثر من 750 شخصا بفيروس نقص المناعة، 80% من الحالات المؤكدة كانت في صفوف الأطفال. مختار، ابن العامل الصحي، كان واحدا منهم.
قبل اندلاع هذه الفاشية، كان في البلاد بأكملها ما يزيد بقليل فقط عن 1000 طفل من المصابين بالفيروس. وعلى الرغم من التحقيقات المتسارعة للكشف عن سبب التفشي إلا أن الخبراء يقولون إن الممارسات الطبية السيئة في محاولات السيطرة على العدوى (نقص التعقيم وإعادة استخدام المحاقن والتقطير) ربما كانت إحدى العوامل المفترضة.
جهود محلية وفيدرالية، ودعم من الوكالات الأممية
وقد نجح برنامج مكافحة الإيدز في مقاطعة السند في إجراء حملة فحص ضخمة من خلال توسيع مراكز اختبار الإيدز الموجودة سلفا، وإنشاء مرفق جديد للاختبار في مستشفى تلوكا الرئيسي بروتاديرو، مما ساهم في فحص أكثر من 26 ألف شخص، معظمهم من الأطفال. وعززت وزارة الصحة المحلية جهودها بمنع واسع النطاق “للممارسات الطبية غير المرخصة وغير الرسمية” فتم إغلاق 900 عيادة صحية وبنوك دم كانت تعمل دون ترخيص.
من ناحية جهود العلاج، تم إنشاء عيادة جديدة تستخدم “العلاج المضاد للفيروسات الرجعية” في العناية بالأطفال المصابين في لاركانا، ونشر المزيد من مقدمي الرعاية الصحية.
الأمم المتحدة في باكستان تعمل عن كثب مع الحكومة الفيدرالية وحكومات المقاطعات لتوفير الدعم الفني للمساعدة على الاستجابة بفعالية لتفشي الفيروس وتقليل تأثير الأزمة. وبمشاركة كاملة من منظمة الصحة العالمية واليونيسيف وعدد من الوكالات الأخرى، تقدم الأمم المتحدة الدعم لتنفيذ خطة للتصدي لتفشي الفيروس في المقاطعة على الأجلين القصير والطويل.
“طفلي الآن يتلقى العلاج الذي يحتاجه”
كل هذه الجهود تنقذ الأرواح بالفعل إذ يتلقى حتى الآن 356 شخصا خدمات الرعاية والعلاج المضاد للفيروسات الرجعية. من بين هؤلاء مختار، ابن العامل الصحي في مدينة روتاديرو الباكستانية، الذي يقول ممتنا “كنت خائفا، ولكن طفلي الآن يتلقى العلاج الذي يحتاجه. وعلينا الآن أن نضمن أن العلاج بهذه العقاقير المضادة للفيروسات الرجعية سيظل متاحا في منطقتنا”.
وتقود منظمة الصحة العالمية تحقيقا لفهم مصدر ومدى وسلسلة انتقال فيروس نقص المناعة البشرية وتقديم التوصيات المناسبة، بدعم من جامعتين وطنيتين وبرنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز واليونيسيف والمزيد من الشركاء.
ومع وجود 20 ألف إصابة جديدة بفيروس نقص المناعة البشرية في عام 2017 ، تشهد باكستان ثاني أسرع انتشار لوباء للإيدز في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حيث يؤثر الفيروس على الفئات الأكثر ضعفا وتهميشا.