مشروع “نيوم”.. خفايا أموال لا تملكها السعودية وتهجير20 ألف مواطن

سلطت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية الضوء على مدينة “نيوم”، المشروع الأضخم الذي أطلقه ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، لتكون مدينة المستقبل، باستثمارات تصل إلى نحو 500 مليار دولار، مشيرة إلى أنها تواجه صعوبات جمة؛ لكونها تقترب من الخيال أكثر من كونها واقعية.

 

وأكّدت الصحيفة أنّ المشروع يواجه صعوبات أخرى تتعلق بعملية تهجير أكثر من 20 ألف مواطن بشكل قسري، يضاف إلى كل هذا وذاك طبيعة الأموال التي تحتاجها السعودية لتمويل المدينة.

 

وقالت: إن “بناء نيوم سيكلف أموالاً لا تملكها السعودية، التي عانت مؤخراً من عجز في الميزانية، حيث لجأت الرياض إلى استخدام القروض للبدء بالمرحلة الأولى من هذا المشروع”، بحسب ما أكده أشخاص مطلعون.

 

تحدٍّ آخر تشير إليه الصحيفة يتعلق باعتماد “نيوم” على الاستشاريين الأجانب؛ فالسعودية كدولة شابة كانت حتى 1957 بدون جامعة، وهي تفتقر تاريخياً إلى الخبرة في التخطيط والهندسة والإدارة، ومن ثم لجأت منذ عقود إلى الشركات الاستشارية الأجنبية.

 

وأضافت الصحيفة أنها اطلعت على الوثائق الأصلية للمشروع منذ أن كان فكرة، وقبل أن تعهد به السعودية وولي عهدها الشاب لمجموعة شركات استشارية من أجل وضع الخطط اللازمة للبدء في المشروع، لافتةً إلى أن المشروع خيالي جداً، وهو يسعى لبناء مدينة مستقبلية في منطقة خالية لا موارد فيها سوى الشمس الساطعة والرمال.

 

وبحسب الوثائق التي اطلعت عليها الصحيفة، فإن شركة “ماكينزي” الأمريكية، إحدى الشركات التي عُهد لها بتصميم وتخطيط المدينة، تدرس مع مجموعة من الخبراء والمختصين الآخرين كيفية تحويل هذا المكان الصحراوي القاحل إلى واحد من أفضل الأماكن للعيش في العالم، كما يريد بن سلمان.

 

وعلى الرغم من أن نيوم محاطة بالصحراء، فإنها ستحتوي على العديد من أسواق المزارعين، حيث تقول الوثائق: إن “درجات الحرارة ستكون أبرد من دبي، وستكون خاضعة للإشراف من خلال البذر السحابي لجعلها تمطر”.

وأردفت الوثائق: إنه “يمكن العيش في المدينة مع أعلى نصيب من الناتج المحلي الإجمالي للفرد، كما يمكن للمقيم أن ينغمس في مأدبة عشاء فاخرة”.

 

وما زالت السعودية تفاوض العديد من الشركات العالمية من أجل دفعها وتشجيعها للاستثمار في “نيوم”، غير أن العديد من تلك الشركات تنتظر أن تتضح ملامح الرؤية المتعلقة بهذه المدينة أولاً قبل أن تضع أموالها فيها، خاصة فيما يتعلق بالقوانين الناظمة لها.

 

“نيوم” مدينة الكحول والنساء
وقال أحد الأشخاص المطلعين على الخطة: إن “أحد العناصر المدهشة في السعودية هو السماح بشرب الكحول في هذه المدينة، التي تشمل أراضي مكتسبة من مصر والأردن، بحيث تكون أشبه بدولة منفصلة عن السعودية في كل شيء، حيث سيُسمح بتقديم الكحول وتوفير حياة رفاهية متحررة على غرار مدن الغرب”.

 

ولتطوير “نيوم” تخطط الحكومة السعودية لنقل أكثر من 20.000 شخص بالقوة، وكان العديد منهم قد سكنوا في المنطقة لعدة أجيال، وبحسب إحدى خطط نقل السكان فإن مجموعة بوسطن الاستشارية قالت: إن “ذلك سيستغرق حتى عام 2025، لكن بناءً على طلب محمد بن سلمان للتحرك بسرعة، تم تقديم التاريخ حتى عام 2022”.

 

سكان المنطقة التي ستُنشأ “نيوم” فيها يعيشون قلق الترحيل القسري، إذ يخبر أحدهم الصحيفة الأمريكية: “ذلك يعني تقطيع مجتمع كامل، إنه مثل الموت”.

 

وبينت الصحيفة أنه بعد أسابيع من إعلان نيوم، في عام 2017، زار الأمير فهد بن سلطان المنطقة، وعندما سئل من قبل الأهالي عما إذا كان سيتم ترحيلهم، قال إنه “لا يستطيع أن يساعدهم”.

 

وأضافت الصحيفة: إن “المستشارين الغربيين نصحوا بن سلمان باعتماد معايير البنك الدولي لعمليات النقل القسري، كما أن مجلس إدارة المدينة قرر لاحقاً أنه ربما يمكن الاستعانة ببعض السكان بعد إعادة تأهيلهم وتدريبهم”.

من هنا بدأ “الوهم”

وتنقل الصحيفة عن شخص مطلع على قصة فكرة إنشاء مدينة “نيوم” من قبل ولي العهد السعودي، حيث قال: إن “بن سلمان سحب خريطة السعودية من جوجل إيرث، ورأى أن الربع الغربي الشمالي من السعودية كان فارغاً، كان ذلك تحديداً قبل أربع سنوات، حتى قبل أن يصبح والده سلمان ملكاً”.

 

ويكمل المصدر المطلع قصته: “طار بن سلمان إلى هناك، مكان تصل فيه درجة الحرارة صيفاً لأكثر من 50 درجة مئوية، ولكن في الشتاء هناك جبال محيطة يمكن أن ينزل فيها الثلج، فقرر أن ينشئ مدينة فيها”.

 

وتتابع الصحيفة، لقد سعى بن سلمان لبناء جسر يربط المدينة بمصر، واتفق مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، من أجل أن يحصل على جزيرتين من مصر في البحر الأحمر، الأمر الذي أثار غضب المصريين، بالمقابل تسلّم بن سلمان رسالة من قادة “إسرائيل” يبلغونه فيها تأييدهم لإنشاء المدينة، وأيضاً استعدادهم من أجل بيع التكنولوجيا المتطورة للسعودية من أجل إنشاء هذا المشروع، بحسب شخص مطلع.

 

ومن أجل الشروع ببناء المدينة الحلم لجأ بن سلمان للتعاقد مع كلاوس كلاينفيلد، الذي فُصل من منصب الرئيس التنفيذي لشركة “أركونيك” (شركة رائدة في مجال تصنيع الألمنيوم)؛ لأن الجسر المقترح لربط المدينة بمصر لا يمكن أن يتبع نفس المسار الذي كان يريده بن سلمان، لكونه يمر بمنطقة خط زلزالي، فرُفعت تكلفة إنشاء هذا الجسر لتصل إلى نحو 125 مليار دولار، بحسب توصية كلاينفيلد.

 

وذكرت الصحيفة أنّ محمد بن سلمان لا يريد في “نيوم” أرصفة أو طرقات، حيث إن مدينة المستقبل ستكون معتمدة على السيارات الطائرة.

 

ويكمن التحدي الآخر أمام نيوم، وفق الصحيفة، بالنظام القانوني والقضائي الذي سيفرض، حيث وجدت مجموعة “لاثام” الأمريكية أن نظام العدالة في المملكة العربية السعودية مبهم وغير قابل للتنبؤ به، وعليه اقترحت المجموعة الاستشارية بناء هيكل جديد.

 

وأشارت في ردها على الصحيفة إلى أن القانون في “نيوم” سوف يستند “إلى أفضل الممارسات في مجالات القانون الاقتصادي وقانون الأعمال، وكذلك ردود الفعل من المستثمرين والمقيمين المحتملين”.

قد يعجبك ايضا