الأمم المتحدة: قصف مركز لاحتجاز المهاجرين في ليبيا قد يرقى إلى جريمة حرب
أدانت الأمم المتحدة بأشد العبارات القصف الجوي ضد مركز تاجوراء لاحتجاز المهاجرين، شرق طرابلس، والذي أدى إلى مقتل نحو 44 لاجئا ومهاجرا، منهم نساء وأطفال، وإصابة ما يزيد عن 130 آخرين بجروح بالغة.
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن الغضب بهذا الشأن، وأدان هذه الحادثة المروعة بأشد العبارات مقدما تعازيه الحارة لأسر الضحايا ومتمنيا الشفاء العاجل للمصابين.
وفي بيان صادر عن المتحدث باسمه، دعا الأمين العام إلى إجراء تحقيق مستقل في ملابسات الحادثة وضمان تقديم الجناة إلى العدالة، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة قدمت الإحداثيات الدقيقة لموقع مركز الاحتجاز إلى أطراف الصراع.
وذكـّر غوتيريش كل الأطراف بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، التي تحتم اتخاذ الاحتياطات الممكنة لتجنب الخسارة العرضية لأرواح المدنيين ووقوع جرحى في صفوفهم والحد من ذلك، ومن تدمير الأهداف المدنية والامتناع عن استهداف المدنيين.
وذكر البيان أن هذه الحوادث تشدد على الحاجة الملحة لتوفير أماكن إيواء آمنة لجميع اللاجئين والمهاجرين إلى أن يتم النظر في طلبات اللجوء أو إعادتهم بشكل آمن إلى أوطانهم. وجدد الأمين العام دعوته للوقف الفوري لإطلاق النار في ليبيا والعودة إلى الحوار السياسي.
غسان سلامة يدعو إلى تطبيق العقوبات على المسؤولين عن الهجوم
وفي بيان صحفي أدانت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا القصف الجوي، وقالت إن هذه هي المرة الثانية التي يتم فيها الاعتداء بالقصف على مركز الإيواء الذي يُحتجز فيه قرابة 600 مهاجر.
وأعرب الممثل الخاص للأمين العام ورئيس البعثة غسان سلامة عن إدانته الشديدة لهذا العمل الجبان، وقال: “إن هذا القصف قد يرقى بوضوح إلى مستوى جريمة حرب إذ طال على حين غرة أبرياء آمنين شاءت ظروفهم القاسية أن يتواجدوا في ذلك المأوى”.
وأضاف الممثل الخاص: “إن عبثية هذه الحرب الدائرة اليوم وصلت بهذه المقتلة الدموية الجائرة الى أبشع صورها وأكثر نتائجها مأسوية”. ودعا سلامة المجتمع الدولي إلى إدانة هذه الجريمة وتطبيق العقوبات الملائمة على من أمر ونفذ وسلّح هذه العملية بما يناقض، وبشكل صارخ، القانون الإنساني الدولي وأبسط الأعراف والقيم الانسانية”.
وذكرت البعثة، في البيان، أنها تتابع باهتمام شديد التقارير المتعلقة بادعاءات القتل خارج القانون في مختلف الأماكن بما فيها ما حدث مؤخرا في غريان، وغيرها من الوقائع المماثلة التي حدثت في ضواحي طرابلس.
وأكدت البعثة التزامها برصد وتوثيق كافة الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان الدولي ورفع التقارير إلى الجهات المعنية في الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لملاحقة الجناة. وقالت إنها أرسلت لجان تحقيق إلى مختلف الأماكن التي تعرضت لهذه الانتهاكات.
كما دعت بعثة الأمم المتحدة والوكالات التابعة لها إلى وقف فوري لكافة الانتهاكات الصارخة والاعتداءات المتكررة ضد المدنيين والبنى التحتية المدنية، لاسيما الصحية والاستشفائية منها، وذكـّرت كافة الأطراف بالتزاماتها بموجب القوانين الدولية النافذة.
باشيليت: قصف مركز الاحتجاز في ليبيا قد يرقى إلى جريمة حرب
من ناحيتها، أعربت المفوضة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، عن صدمتها الكبيرة لموت وإصابة العشرات من المهاجرين واللاجئين في مركز احتجاز تاجوراء.
جاء ذلك في بيان صحفي صادر اليوم الأربعاء قالت فيه إن “حقيقة أن إحداثيات مرفق الاحتجاز هذا وأنه يضم مدنيين قد تمت مشاركتها مع أطراف النزاع – تشير إلى أن هذا الهجوم قد يرقى، حسب الظروف المحددة، إلى جريمة حرب”.
وتعتبر هذه المرة الثانية التي يتعرض فيها مركز الاحتجاز، الذي يضم حوالي 600 شخص، للقصف أثناء الأعمال القتالية الحالية في ليبيا. وفي هذا السياق، حثت باشيليت “جميع أطراف النزاع الليبي على التقيد بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، واتخاذ جميع التدابير الممكنة لحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، بما في ذلك المدارس والمستشفيات ومرافق الاحتجاز”.
وفي البيان، قالت المفوضة السامية، “يجب احترام مبادئ التمييز والتناسب والحذر في جميع الأوقات احتراما كاملا. أطراف النزاع ملزمة باتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لحماية السكان المدنيين الخاضعين لسيطرتها من آثار الهجوم، بما في ذلك تجنب تحديد أهداف عسكرية بالقرب من مواقع مدنية”.
هذا وأكدت باشيليت على أنها دعت مرارا وتكرارا إلى إغلاق جميع مراكز احتجاز المهاجرين في ليبيا، حيث وثق موظفو حقوق الإنسان التابعون للأمم المتحدة ظروف الاكتظاظ الشديد والتعذيب وسوء المعاملة والعمل القسري والاغتصاب وسوء التغذية الحاد، من بين انتهاكات حقوق الإنسان الخطيرة الأخرى. وفي هذا الصدد، كررت أيضا دعوتها للإفراج عن المهاجرين واللاجئين المحتجزين بوصفه مسألة عاجلة، ودعت إلى تمكينهم من الحصول على الحماية الإنسانية أو الملاجئ الجماعية أو غيرها من الأماكن الآمنة، بعيدا عن المناطق التي يحتمل أن تتأثر بالأعمال العدائية.
“مثل هذا الهجوم يستحق أكثر من إدانة”
قالت كل من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمة الأمم المتحدة للهجرة إن الخسائر المروعة في الأرواح والإصابات الناجمة عن الهجوم الذي وقع ليلة الثلاثاء شرق طرابلس في مركز احتجاز تاجوراء يعكس المخاوف العميقة التي عبرت عنها مرارا وتكرارا المنظمتان بشأن سلامة الأشخاص في مراكز الاحتجاز.
وفي بيان مشترك صادر اليوم، قالت المنظمتان إن هذا العنف الأخير يشير إلى الخطر الذي حذرتا منه والناتج عن إعادة المهاجرين واللاجئين إلى ليبيا بعد اعتراضهم أو إنقاذهم في البحر الأبيض المتوسط.
وفيما أدانت المنظمتان بشدة هذا الهجوم وأي هجوم آخر على المدنيين، دعت إلى وضع حد فوري لاحتجاز المهاجرين واللاجئين، وضمان حمايتهم في ليبيا.
غير أنهما شددتا على أن “مثل هذا الهجوم يستحق أكثر من إدانة. إذ تؤمن مفوضية اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة بإجراء تحقيق كامل ومستقل لتحديد كيفية حدوث ذلك والمسؤولين عنه، ومحاسبتهم”، وأكدتا على أن “إحداثيات هذه المراكز في طرابلس معروفة جيدا للمقاتلين الذين يعرفون أيضا أن المحتجزين في تاجوراء هم مدنيون”.
وبالإضافة إلى ما لا يقل عن 600 من المهاجرين واللاجئين – بمن فيهم نساء وأطفال في مركز احتجاز تاجوراء، “ما زال حوالي 3,300 مهاجر ولاجئ محتجزين تعسفا داخل طرابلس وحولها في ظروف لا يمكن وصفها إلا بأنها غير إنسانية”، بحسب البيان المشترك الذي أشار إلى مخاطر متزايدة يواجهها المهاجرون واللاجئون مع اشتداد المصادمات في الجوار، قائلا “يجب إغلاق هذه المراكز”.
وتبذل المنظمتان قصارى جهدهما للمساعدة. وقد أرسلت المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية فرقا طبية، بينما ينتظر فريق أوسع مشترك بين وكالات الأمم المتحدة الحصول على تصريح لزيارة المنطقة.