غير بيدرسون: لا يوجد حل سهل لإدلب، والوسيلة الوحيدة هي وقف الأعمال القتالية
قال غير بيدرسون، المبعوث الخاص للأمين العام إلى سوريا، إن القتال في إدلب وحولها يتواصل في ظل توافد تقارير عن ضربات جوية وقصف مدفعي وهجمات بالهاون كل منها ينطوي على استخدام عشوائي للقوة. ومازال قتل المدنيين مستمرا كما تم تهجير مئات الآلاف من السكان.
بيدرسون، الذي كان يتحدث اليوم الخميس أمام مجلس الأمن الدولي، عبر دائرة تليفزيونية من جنيف، قال إن هيئة تحرير الشام التي وضعها مجلس الأمن على لائحة الإرهاب، تتواجد بقوة في إدلب، داعيا الهيئة إلى وقف هجماتها، مشيرا في الوقت نفسه إلى وجوب توفير الحماية اللازمة لحوالي ثلاثة ملايين مدني في إدلب والمدنيين في المناطق المحيطة.
وفي هذا السياق أكد بيدرسون على ما جاء على لسان الأمين العام الأسبوع الماضي حول أهمية الانصياع للقوانين الدولية والإنسانية حتى خلال محاربة الإرهاب.
وأشار إلى أن التقارير حول التبادل العسكري بين الحكومة السورية ومراكز المراقبة التركية تثير قلقا بالغا.
“إنها تذكرنا بأن إدلب ليست مجرد مسألة إنسانية، وأن الأمر لا يتعلق فقط بسوريا – لكنه يمثل برميل بارود يُحتمل أن يؤدي إلى تصعيد إقليمي”.
وأوضح المبعوث الخاص، “مما لا شك فيه أنه لا يوجد حل سهل لإدلب، لكن الوسيلة الوحيدة لإيجاد حل هي وقف الأعمال القتالية وانخراط أصحاب المصلحة الرئيسيين في نهج تعاوني لمكافحة الإرهاب – نهج يضمن حماية المدنيين”.
وكانت كل من تركيا، التي زارها بيدرسون في وقت سابق من هذا الشهر والاتحاد الروسي الذي سيزوره الأسبوع المقبل، قد طمأنا المبعوث الخاص بأنهما ما زالا ملتزمين بمذكرة التفاهم الصادرة في أيلول/سبتمبر 2018 وبمجموعة العمل. غير أن المبعوث الخاص دعا الدولتين إلى عكس ذلك على الأرض، مكررا بشدة نداء الأمين العام إلى روسيا وتركيا لتعزيز الاستقرار دون تأخير.
أهمية إطلاق لجنة دستورية ذات مصداقية بقيادة وملكية سورية
ودعا المبعوث الخاص إلى تثبيت الاستقرار في إدلب. “إذا تم تحقيق ذلك، فيجب أن نتجنب خطر سيناريو “لا حرب-لا سلام”، أوضح بيدرسون.
وأكد مجددا على عدم وجود حل عسكري لهذا الصراع، مشيرا إلى مساعيه لإحياء عملية سياسية بقيادة وملكية سورية، بناء على القرار 2254. وقال إن إحدى الأولويات العاجلة تتمثل في إطلاق – إذا أمكن – لجنة دستورية ذات مصداقية متوازنة وشاملة، بقيادة وملكية سورية، تيسرها الأمم المتحدة مع الاحترام الكامل لسيادة سوريا واستقلالها وسلامتها الإقليمية.
وأوضح بيدرسون أن ذلك كان ع
نصرا رئيسيا في حواره المستمر مع الطرفين – الحكومة السورية ولجنة المعارضة. كما أكد الدعم المستمر لسبيل مشترك بين منسقي سوتشي وغيرهم، بما في ذلك ما يسمى المجموعة الصغيرة، التي التقاها في باريس في وقت سابق من هذا الأسبوع – وقد ناقش الأمين العام نفسه هذه المسألة مع القيادة الروسية خلال رحلته الأخيرة إلى سان بطرسبرغ.
وقال المبعوث الخاص إن اللجنة الدستورية قد تتمكن من فتح الأبواب، لكنها لن تحل وحدها الصراع أو التحديات التي تواجه سوريا. لا يمكن أن يتكشف هذا إلا إذا بدأنا في رؤية ثقة حقيقية تتطور، من خلال خطوات ملموسة ومتبادلة، بما في ذلك على أرض الواقع.
وطرح بيدرسون توسيع العملية السياسية إلى أكثر من مجرد اجتماعات في جنيف – قائلا “يجب أن تتضمن إجراءات ملموسة على أرض الواقع، لنفخ روح الثقة. لذلك سأواصل التشاور المكثف مع أوسع نطاق من السوريين حول ما يعتبرونه نقاط دخول عملية وبناءة لإجراءات بناء الثقة”.
“لكن في نهاية المطاف، يقع على عاتق الأطراف اتخاذ تلك الإجراءات. فتح الطريق المسدود سيكون صعبا. هناك الكثير من عدم الثقة. المواقف راسخة. لكنني أعتقد أن المناقشات والتعاون الدوليين يمكن أن يساعد السوريين على التغلب على هذه العقبات” تابع المبعوث الخاص.
سوريا في طليعة جدول أعمال قمة مجموعة العشرين
غدا، في قمة مجموعة الدول العشرين، ستدرج مواضيع كثيرة. وقد حث كل من الأمين العام ومبعوثه الخاص على أن يكون الملف السوري في طليعتها. وأعرب بيدرسون عن الأمل في أن تعمل روسيا وتركيا على أعلى مستوى لتحقيق الاستقرار في إدلب. وأبدى الأمل في أن تتمكن روسيا والولايات المتحدة من الاستفادة من المحادثات الأخيرة وتعميق الحوار بينهما على أعلى المستويات أيضا، لأن التعاون بينهما سيكون عنصرا رئيسيا للتعاون الدولي في سوريا. أكما أمل أيضا في إمكانية بناء التعاون بطريقة تشارك فيها جميع الجهات الفاعلة الرئيسية الأخرى – لدعم عملية تقودها وتملكها سوريا وتيسرها الأمم المتحدة لتنفيذ التفويض الممنوح من مجلس الأمن.
وقال المبعوث الخاص إن ذلك من شأنه المساعدة على السير في مسار سياسي تمشيا مع القرار 2254 من خلال لجنة دستورية تتطور في بيئة آمنة وهادئة ومحايدة، الأمر الذي يمهد الطريق لإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة كما هو منصوص عليه في هذا القرار، وتسوية سياسية دائمة.
مستويات غير مقبولة من العنف ضد المدنيين والعمل الإنساني
حثت مستشارة أممية بارزة للشؤون الإنسانية في سوريا كافة الدول الأعضاء على القيام بكل ما يمكنها لحماية المدنيين، وطلبت من الدول الدعم العاجل للأولويات الإنسانية للأمم المتحدة في سوريا.
وحذرت مستشارة المبعوث الخاص لسوريا السيدة نجاة رشدي، بعد اجتماع في جنيف لفرقة العمل الإنساني المعنية بسوريا، من أن “مستويات غير مقبولة من العنف تؤثر على المدنيين وعلى العاملين في المجال الإنساني” على حد سواء. كما أوردت عددا من الحقائق على الأرض عن تعرض البنى التحتية المدنية لآثار مدمرة في خضم الصراع العسكري في منطقة خفض التصعيد في شمالي غرب سوريا.
وحسب مستشارة المبعوث الخاص لسوريا للشؤون الإنسانية فإن أكثر من 300 مدني بينهم العديد من النساء والأطفال قد قتلوا، كما أنها تلقت تقارير الأسبوع الماضي عن تعرض سيارة إسعاف للقصف الجوي قتل فيها ثلاثة عمال طبيين، ومريضة أثناء توجههم إلى المستشفى.
وقالت السيدة نجاة رشدي إن “حوالي 330 ألف شخص قد نزحوا منذ تصاعد القتال. والناس ينزحون باستمرار بحثا عن السلامة. تلقينا تقارير تفيد بأن بعضهم اضطروا إلى مغادرة منازلهم بمعدل خمس مرات منذ بداية النزاع، وقد تم تشريد بعضهم أكثر من 10 مرات”.
وحثت مستشارة الشؤون الإنسانية الدول الأعضاء على القيام بكل يمكن لحماية هؤلاء المدنيين، مشددة على ضرورة أن تسود المبادئ والقيم العالمية، وطالبت جميع أطراف النزاع بالالتزام باحترام القانون الإنساني الدولي.
وأضافت المسؤولة الأممية “لا يمكن الانتقاص من الالتزام بالقانون الدولي الإنساني. إن التعامل مع هيئة تحرير الشام، وهي جهة تم تحديدها كجماعة إرهابية، يواجهنا بتحديات كبيرة. لكن عمليات مكافحة الإرهاب يجب أن تمتثل بالكامل للقانون الدولي الإنساني”.
وفي تصريحات للصحفيين تحدثت السيدة نجاة رشدي عن الظروف الإنسانية في مخيم الركبان، حيث لا يزال حوالي 27 ألف شخص في حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية والحماية. وقالت إن الأمم المتحدة قدمت الدعم لأكثر من 14 ألفا و800 شخص من المغادرين للمخيم.
وحسب إحاطة المسؤولة الأممية الإنسانية، فإن مخيم الهول لا يزال يضم حوالي 73 ألف شخص معظمهم من النساء والأطفال؛ وقد رحبت السيدة نجاة رشدي بما تناقلته الأخبار عن ترحيل أعداد من الأطفال الأجانب إلى بلدانهم، لكنها شددت على أن “وضع آلاف الأطفال الذين بقوا في مخيم الهول ما زال مخزيا”. وأضافت “يجب إيلاء أقصى درجات الاهتمام لهؤلاء الأطفال الذين تعرضوا لانتهاكات صارخة لحقوقهم. ويجب على الدول الأعضاء العمل على حل الوضع امتثالًا للقانون الدولي الإنساني”.
وذكـّرت المستشارة الأممية اجتماع لفرقة العمل الإنساني في سوريا أن أزمة البلاد لا تزال واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية تعقيدا في العالم. وقالت إنه وعلى الرغم من بيئة العمل الصعبة، فإن 6 ملايين شخص من السوريين في المتوسط يتلقون نوعا من أنواع المساعدة الإنسانية كل شهر.
وحسب البيان الذي أصدرته المسؤولة الأممية، فإن خطة الاستجابة الإنسانية في سوريا تتطلب 3.3 مليار دولار أمريكي لمساعدة أكثر من 11 مليون سوري خلال العام الجاري، وقد تم تمويل نسبة 23% فقط من المتطلبات المالية لهذه الخطة حتى الآن.