ورشة البحرين..انظمة عربية تمنح ما لا تملك لمن لا يستحق
انطلقت ورشة البحرين الاقتصادية التي تمهد لصفقة ترامب بشقها الاقتصادي وسط رفض شعبي واسع ومقاطعة فلسطينية جامعة لاعمال الورشة التي تهدف اولا واخرا الى انهاء القضية الفلسطينية. فما هي الابعاد التي تمتلكها هذه الورشة ولماذا ستفشل ومعها صفقة ترامب.
من المعروف ان عراب صفقة ترامب هو صهره ومستشاره جاريد كوشنير، وكوشنير يمسك باعمال كثيرة لعائلة ترامب، وهو يتصرف بعقلية رجل الاعمال المستعد لفعل اي شيء لاتمام صفقته. وعكس ما يشاع عن كوشنير فان تقارير تؤكد انه لا يدرك اصول وقواعد السياسة حيث اكتشف اعضاء فريق ترامب انه لم يكن يعرف ماذا يقال في اغلب الاجتماعات وان صمته المخادع كان نتيجة جهله بكثير من القضايا السياسة.
هذا الكلام يوضح كيف ان كوشنير ركز مؤخرا على البعد الاقتصادي لصفقة ترامب، معتمدا على عوامل عدة .
العامل الاول يتمثل باستغلال الوضع الاقتصادي الصعب للفلسطينيين لاسيما في قطاع غزة حيث حياة صعبة وازمات اقتصادية وخدماتية تصل لحد الكارثة، فكان الاعتماد على استغلال هذا الواقع لاغراء الفلسطينيين بالمليارات والمشاريع الاقتصادية والرفاهية مقابل التخلي عن المقاومة وابرام السلام الوهمي مع كيان الاحتلال الاسرائيلي.
العامل الثاني يتمثل بان صفقة ترامب وتمريرها اقتصاديا يحتاج للاموال، وبالتالي فان كوشنير صاحب عقلية رجل الصفقات لن يغامر بدفع مبالغ طائلة في صفقة يعرف جيدا هو والادارة الاميركية بانها قد تفشل لاي سبب، والاسباب كثيرة. لذلك كان عليه استدعاء الانظمة العربية التي تدين لواشنطن ببقائها واستمراريتها والحماية التي تحظى بها، فكان الجزء الاكبر من تمويل صفقة ترامب من الدول العربية النفطية ومنها البحرين التي تستضيف الورشة الاقتصادية.
اما من الزاوية العربية للصفقة فان ما تشهده الساحة العربية من تغير وجوه القيادات وظهور اسماء متحررة من اي التزام اخلاقي وتاريخي وجغرافي واثني وديني وانساني تجاه القضية الفلسطينية، اضافة الى ان هذه الاسماء جهزت لتكون حاضرة للتطبيع مع الاحتلال الاسرائيلي مقابل الحماية الاميركية والبقاء فوق العروش لسنوات وعقود.
وبما ان حملة تشويه حركات المقاومة في المنطقة وبطبيعة الحال المقاومة الفلسطينية مستمرة، كان سهلا على هذه الانظمة العربية ان تزرع من يروج لها لدى الشارعين العربي والاسلامي، وكل العالم شاهد اعلاميين وفنانين وغيرهم من هذه الدول وهم يروجون للتطبيع ضمنا وعلنا. كل هذا مهد لمرحلة الفرض والتهديد الذي مورس على الفلسطينيين لاسيما كلام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي قال انه على الفلسطينيين ان يقبلوا “بالسلام” مع كيان الاحتلال او ليصمتوا. كما تشير تسريبات الى ان ولي عهد ابو ظبي محمد بن زايد لعب دورا في محاولة الانقلاب على ملك الاردن عبد الله الثاني كما يحاول الضغط على عمان لقبول صفقة ترامب والمشاركة في ورشة البحرين.
يضاف لذلك الدور الذي تلعبه مصر كراعية للافرقاء الفلسطينيين بحكم الجغرافيا، لكن هناك امر من الضروري الالتفات اليه وتفهمه واشنطن وحلفاؤها العرب وهو الاجماع الفلسطيني على رفض ورشة البحرين وصفقة ترامب.
فهناك كلام عن ان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس اكد في احدى الجلسات انه لا يريد ان يختم حياته بالخيانة وبيع فلسطين. اما المقاومة الفلسطينية فهي في موقع اليوم اقوى من اي وقت مضى وبالتالي لا تعاني من اي نقطة ضعف قد تدفعها للموافقة على الصفقة، ناهيك عن الموقف المبدئي بعد التعامل مع كيان الاحتلال.
هناك من يقول ان القضية الفلسطينية تتعلق بجزء منها ببعد يتخطى السياسة والاقتصاد، وهو العلاقة الوجودية بين فلسطين واهلها، والمبنية على قاعدة ان الاجيال التي اتت بعد سبعين عاما من النكبة متعلقة بهذه الارض ربما اكثر من الاجيال السابقة. فلا هي تنسى قضيتها ولا هي مستعدة لبيعها رغم اللجوء والحصار والقتل والاجرام.
وعليه فان ورشة البحرين مهما كانت مخرجاتها، لن تحقق اهدافها، لسبب بسيط، هو انه حين يكون صاحب الشيء يرفض بيعه فان اي طرف اخر لا يملك الحق ببيعه والا يعتبر ذلك سرقة. والفلسطينيون يرفضون بيع ارضهم وقضيتهم ولا يملكون حق بيعها واي طرف مهما كان سواء دولة نفطية او نظاما معينا لن يستطيع بيعها وبالتالي يعتبر هذا سرقة واحتلالا ومن حق الفلسطيني ان يسترجع ارضه.. ولو بعد حين.
حسین موسوی_العالم