غذاء فاسد.. وأجندات أممية مشبوهة
كتب/ رئيس التحرير
تعودنا من مسؤولي الأمم المتحدة والعمل الإنساني مذ عَهِدنا حروب الإبادة الشاملة والتجويع التي تنخرط فيها المنظمات تحت يافطة العمل الإنساني والإغاثي حديثهم المُكرر عن المآسي والمعاناة وتدهور الوضع الإنساني وكارثية الحرب ، وفي هذا تذكير بالكلام المكثف لمسؤولي الغذاء العالمي طبعا حول كارثية الوضع الإنساني في بلادنا وما سببه العدوان والحصار البري والبحري والجوي على اليمن من تدهور مريع للحالة المعيشية والإنسانية لكافة اليمنيين. وبعكس البواخر التي تصل إلى اليمن محملة بمساعدات البرنامج الفاسدة والملوثة ، وإلى فترة وجيزة سبقت فإن الفضاء الإعلامي والسياسي كان مشحوناً بما اعتدناه من ذات المسؤولين ، وفيما يذهب أكثر من نصف ميزانية برنامج المساعدات الإنسانية في اليمن إلى جيوب الموظفين التابعين للبرنامج كمرتبات وعمولات ، ونفقات تشغيلية وسيارات فارهة أيضا ، يذهب ما تبقى من النصف الآخر في الصفقات المشبوهةالتي يجلب البرنامج بها إلى اليمن كل ما هو ملوث وفاسد وتالف ، وما هو غير صالح للاستخدام البشري ، وتصل إلى موانئ الحديدة وعدن وغيرها سمومٌ قاتلة ومميتة، والأقل مما وصل وتم توزيعه من قمح وبقوليات وغيرها هو من الأنواع الرديئة التي لا ترى الحكومات الغربية وأمريكا صلاحيتها لمواطنيها ، وكل ما تقدم يستورده البرنامج مدعيا العمل على إنقاذ اليمنيين من الجوع والموت؟. وبعكس ما يروجه ادعاءً وقولاً وشعاراً – وإن كان في الاستجابة الفعلية ملوثاً وفاسداً وتالفاً- فإن تصريحات المدير التنفيذي للبرنامج ديفيد بيزلي أمام مجلس الأمن وما سبق وورد في بيانه قبلها من تهديد بتعليق المساعدات عن اليمنيين ، فهي سابقة من نوعها على الأقل في فضاءالإعلام والشعارات والادعاءات ، وفي حقيقة الأمر هي انكشاف مريع لمن يفترض به أن يكون حريصا في مساعدة الجائعين ، تكشف ما يقف خلف الشعارات من أجندات ، وما يقف خلف المعونات الفاسدة والملوثة من خفايا عدوانية ليست إنسانية ،وفي توقيت التهديد والاشتراطات ما يكفي لطرح ألف سؤال ، وفي تسلُّم البرنامج أموالا من السعودية والإمارات التي تحاصر اليمن وتقتل المدنيين ما يثير ألف شك في عمله ، وفي أهدافه ، وأجنداته الخاصة والعامة،وفي تفاصيل تصريحات المدير التنفيذي المئات الأخرى من الأسئلة، ناهيكم عما تنطوي عليه من إثارة رخيصة « إعاقة الوصول إلى المحتاجين » ذرائعه ومنها على سبيل الحصر والقصر تقول للمريب خذوني!!مسلسل الذرائع التي يحاول ديفيد من خلالها تنفيذ أجندات مشبوهة ، لن تخفي وهي تتلبس لبوس الإنسانية أنها متاجرة بحياة اليمنيين وأقواتهم ومساومة على كرامتهم ، وأما ادعاء سعيها لضمان وصولها إلى المستحقين فمردوده توالي وصول المساعدات إما فاسدة ، أو ملوثة ،أو تالفة‘ وقد كان حرياً بالأمريكي بيزلي وهو يغطي فضائح المساعدات الملوثة -والتي كشفت تحقيقات صحفية محايدة أجريت من واقع المعاينات والفحوصات في عدد من المناطق منها مديرية عبس بمحافظة حجة أنهاسبب لانتشار وتفشي وباء الكوليرا وأن أطفالا أصيبوا بإسهالات مائية حادة بسبب تناولهم لبسكويت وزعته المنظمة- ، تفسير هذه الحالة المستعصية لبواخر المساعدات والتي وصلت ميناء الحديدة SK FRIENDSHIP التابعة لبرنامجه والتي آخرها الباخرة وهي تحمل 120000 كيس من دقيق القمح الفاسد وغير الصالح للاستخدام الآدمي. على أن محاولاته الانصراف إلى مشبوهات جديدة لا تعفيه عن ثلاثة مليارات دولار ضمن ما أسمي برنامج المساعدات للعام السابق وأين ذهبت ، مع التأكيد بأن لا يمنع إجراء مسوحات ميدانية للمستفيدين ضمانا لوصول المساعدات اليهم واعتماد نظام البصمة في التوزيع إلا إصرار البرنامج على أن يكون له كامل التصرف في قاعدة البيانات بما في ذلك إخراجها خارج البلاد ، ورفضه تماما لما تم الاتفاق عليه وسبق وأن طرحته هيئة العمل الإنساني ومواجهة الكوارث ، وقيادة المجلس السياسي الأعلى في أن يتم وضع قاعدة البيانات للمستفيدين في أي جهة محلية يتفق عليها الطرفان ، وعلى أن يتم مراقبة الصرف والتوزيع أيضا من قبل الطرفين! لا يحتاج إصرار البرنامج على إخراج بيانات المستفيدين -وعددهم حسب الإحصائيات 12 ووراء » مليون مستفيد من مواطني الجمهورية اليمنية- إلى اختبار ذكاء أحد لمعرفة الأهداف وإذا كان البرنامج قد تعهد لمموليه سواء كانوا دول العدوان أو غيرهم في « الأكمة ما وراءها تسليم بيانات لأكثر من عشرة ملايين مواطن يمني بصماتهم وصورهم ، فإن مجاهرته بتلك المطالب يجب أن يرد عليها بما يجب في مقام الرد عليه ، بل من غير المسموح لكائن من كان أن يتصرف في بيانات المواطنين اليمنيين تحت أي ذريعة أو عنوان ، وجدير بالأمم المتحدةأن تستجيب لدعوات التحقيق في الفساد المهول الذي يشوب عمل برنامج المساعدات في اليمن، على ان التهديدات بوقف المساعدات بذريعة البصمة ساقط بحكم ما تم الاتفاق عليه سابقا ، ولما في ما يطلبه البرنامج من إهانة وإذلال وامتهان لكرامة اليمنيين ، وما يحمله ذلك من تعدٍ صارخ لسيادة الدولة إذ لا يحق لأحد الحصول على بيانات المواطنين فضلا عن المطالبة بها!وفي التصريحات الأخيرة والتلويح بتعليق المساعدات من الانكشاف ما يؤكد أن إدخال الاغذية الفاسدة عمل عدائي ممنهج ، هدفه ليس إنقاذ اليمنيين بل خلق مزيد من المعاناة وتفشي الأوبئة والأمراض ، وهو ما يجسد و يتضح الآن في التوجهات المعادية والمعلنة ، وفي نهاية المطاف فإن اليمنيين ليسوا بحاجة لفتات العالم في أمريكا والإمارات والسعودية وغيرها ، وليست اليمن مكبّاً لنفايات موائد اللؤم والطغيان يُصدّر أليها تحت يافطة المساعدات الإنسانية. أما حين تبدي الامم المتحدة النفاق والتسويف والمراوغة في تنفيذ اتفاق السويد وما يتعلق بالمرتبات ورفع الحصار عن موانئ الحديدة ، إلى أن يتوجها مسؤول الغذاء العالمي بحديث تفوح منه روائح نتنة تكون الأمم المتحدة في مواجهة مكشوفة ومباشرة مع اليمنيين فهي التي تواطأت سابقا وهي التي جاهرت اليوم ، وهي شريك للعدوان في كل ما تعرضوا ويتعرضون له من انتهاكات وجرائم.