تحذير في مجلس الأمن من أثر التوترات الإقليمية على العملية السياسية في اليمن
Share
أعرب مارتن غريفيثس المبعوث الخاص للأمين العام إلى اليمن عن القلق بشأن استئناف تصعيد العنف، وتكرار الهجمات على البنية التحتية المدنية في جنوب السعودية بما في ذلك الهجمات الأخيرة بطائرات مُسيرة (بدون طيار) على مطار أبها.
وأمام مجلس الأمن الدولي قال غريفيثس إنه حذر مرارا من أن الحرب يمكن أن تقضي على فرص تحقيق السلام، مضيفا أن المخاطر الماثلة أمام العملية السياسية في اليمن لم تكن أكثر وضوحا مما هي عليه الآن في سياق التوترات الإقليمية الراهنة. ودعا إلى اتخاذ خطوات لتهدئة التوترات من أجل مصلحة الشعب اليمني والأمن الإقليمي.
جاء ذلك في الجلسة التي عقدها مجلس الأمن الدولي حول الشرق الأوسط، واستمع خلالها إلى إحاطة من المبعوث الخاص حول آخر التطورات بشأن عملية السلام. كما استمع المجلس إلى كل من وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية والمدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي.
وعبر دائرة تليفزيونية من العاصمة الأردنية عمان، التي يوجد بها مكتبه، أكد غريفيثس أنه واصل العمل مع كل من الحكومة اليمنية وأنصار الله (الحوثيين) على مسار تطبيق اتـفاق ستوكهولم، الذي توصل إليه الطرفان في السويد آخر العام الماضي، وسبل التحرك قدما للتوصل إلى حل سياسي شامل للصراع بناء على مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تطبيقها، ومخرجات الحوار الوطني اليمني، وجميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بما في ذلك القرار 2216.
الحديدة
منذ دخول اتفاق الحديدة حيز التنفيذ قبل ستة أشهر، حافظ الطرفان على تقليص العنف في أنحاء المحافظة، كما قال غريفيثس على الرغم من التأخير في تطبيق الاتفاق.
وفي الأشهر الخمسة التي سبقت وقف إطلاق النار، أدى القتال إلى وقوع أكثر من 1300 ضحية من المدنيين في محافظة الحديدة. وفي الأشهر الخمسة التي أعقبت وقف إطلاق النار، انخفض عدد الضحايا بنسبة 68%. إلا أن غريفيثس أعرب عن القلق البالغ لاستمرار العنف ووقوع ضحايا من المدنيين.
وقد نص اتفاق الحديدة على الوقف الفوري لإطلاق النار في محافظة ومدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، وإعادة الانتشار المشترك للقوات من تلك المناطق إلى مواقع متفق عليها.
وأفاد غريفيثس بأن أعضاء لجنة تنسيق إعادة الانتشار من الجانبين واصلوا الانخراط بشكل بناء مع رئيس اللجنة الجنرال مايكل لوليسغارد بشأن خطط المرحلتين الأولى والثانية لإعادة الانتشار.
وقال غريفيثس إن لوليسغارد ما زال يشعر بالتفاؤل إزاء إمكانية التوصل إلى اتفاق حول المرحلتين، بموجب اتفاق ستوكهولم.
وتطرق المبعوث الأممي إلى الجوانب الاقتصادية المتعلقة بعوائد الموانئ، وأعرب عن الأمل في أن يسفر التوصل إلى توافق حول هذه الجوانب عن إتاحة المجال لدفع رواتب موظفي القطاع العام في محافظة الحديدة وأنحاء اليمن.
وشدد غريفيثس على ضرورة أن يقوم الطرفان بالخطوات المطلوبة لضمان التطبيق الكامل لاتفاق ستوكهولم، مع ضمان الاحترام التام لسيادة اليمن. وأشار إلى مرونة الحكومة اليمنية ودعمها المستمر للاتفاق وانخراطها المتواصل في هذا الشأن.
وأعرب عن تطلعه لاستمرار تواصله عن كثب مع الرئيس عبد ربه منصور هادي والحكومة اليمنية وأنصار الله لتعزيز تطبيق الاتفاق.
تعز
في إطار اتفاق ستوكهولم، توصل الطرفان إلى إعلان تفاهمات تعز الذي اتفقا فيه على تشكيل لجنة مشتركة تضم ممثلين من المجتمع المدني، وبمشاركة الأمم المتحدة. وتضمن الإعلان أن يسمي الطرفان ممثليهما في اللجنة المشتركة وأن يسلما الأسماء إلى مكتب المبعوث الأممي في موعد لا يتعدى الأسبوع من تاريخ الانتهاء من مشاورات السويد، التي اختتمت في ديسمبر/كانون الأول 2018.
وقال مارتن غريفيثس في إحاطته أمام أعضاء مجلس الأمن، إن الأمل كان معقودا على أن يفتح إعلان التفاهمات الباب أمام الطرفين للعمل معا لتخفيف معاناة المدنيين في مدينة تعز. ووصف الوضع العسكري والسياسي فيها بالمعقد والهش للغاية.
وقال غريفيثس إنه يواصل العمل مع الطرفين لعقد اجتماع اللجنة المشتركة لتحديد سبيل الخروج من الوضع الحالي. وقال إن فوائد تهدئة التوترات وتحسين الوصول الإنساني ستكون ملموسة وفورية.
تبادل الأسرى
وأعرب غريفيثس عن خيبة الأمل بشأن عدم إحراز تقدم في تطبيق ما اُتفق عليه في ستوكهولم حول تبادل الأسرى والمعتقلين. وقال إنها قضية إنسانية ستخفف معاناة السجناء والمحتجزين وتعيد لم شملهم مع أحبائهم.
“كما أبلغت المجلس من قبل، فقد عقد الطرفان جلسات بناءة خلال الأشهر الماضية حول تفاصيل التبادل. وبمرونة سياسية أكبر، أعتقد أنهما سيتمكنان من ترجمة تلك المناقشات إلى أفعال على الأرض”.
ودعا غريفيثس الطرفين إلى منح الأولوية لتنفيذ اتفاق تبادل الأسرى بحسن نية، وإبداء المرونة المطلوبة لجعل هذا الأمر واقعا من أجل مصلحة السلام وآلاف الأسر اليمنية التي تتوق لأن يلتئم شملها مع أحبائها، والتي تشعر بخيبة الأمل لعدم تحقق ذلك حتى الآن.
الحل السياسي
قال المبعوث الأممي إن الحكومة اليمنية وأنصار الله، أكدوا له مرارا أن الحل السياسي هو الحل الوحيد للصراع في اليمن. وأضاف أن طول أمد الصراع سيزيد التحديات ويعقد إمكانية إنهاء آثاره الرهيبة.
وقال إن الحوار المستمر بين الطرفين لتطبيق اتفاق ستوكهولم مهم، ولكنه ليس كافيا للشعب اليمني الذي يريد وضع حد لمعاناته اليوم وليس غدا.
واختتم غريفيثس إحاطته أمام مجلس الأمن بإعادة تأكيد التزامه الشخصي والتزام الأمم المتحدة بالسعي لتنفيذ عملية سياسية محايدة وجامعة تقوم على الملكية الوطنية، والاحترام الكامل لسيادة اليمن واستقلاله ووحدته وسلامة أراضيه.
وقال إن إنهاء الصراع في اليمن لن يتحقق إلا عبر الحل السياسي الشامل. وذكر أن فرص التسوية ما زالت قائمة، معربا عن ثقته في قدرة الطرفين على التوصل إلى تسوية سلمية شاملة بدعم من مجلس الأمن الدولي لإنهاء الصراع في اليمن.
جهود إنسانية
ديفيد بيزلي المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي أشار إلى احتياج 20 مليون شخص في اليمن للمساعدات، وتحدث عما وصفها بالمقاومة العنيفة التي تواجه قيام البرنامج بوظيفته المتمثلة في مساعدة الناس للبقاء على قيد الحياة.“يتم منع برنامج الأغذية العالمي من إيصال المساعدات الغذائية إلى الأشد جوعا في اليمن، حيث يتم التلاعب بالمساعدات في المناطق الخاضعة لسيطرة أنصار الله على حساب الأطفال والنساء والرجال الذين هن في أمس الحاجة إليها”.
مارك لوكوك وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية تحدث عن الأوضاع الصعبة في اليمن، وقال إن شيئا لن يتغير هناك إذا لم تكن الأطراف مستعدة لتغيير ما تفعله.“الوكالات الإنسانية لا تستطيع فعل أكثر من إبقاء الناس على قيد الحياة، وقد نجحنا في ذلك بشكل معقول. أوائل عام 2017، كنا نقدم الإغاثة لنحو 3 ملايين شخص كل شهر. بعد عامين، نصل إلى أكثر من 10 ملايين شهريا. بالعمل مع المؤسسات المحلية، تمكنا من تقليص مخاطر المجاعة في بعض المناطق، وقضينا على أكبر تفش للكوليرا، وزدنا بشكل كبير عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية الذين يتلقون العلاج وتم شفاؤهم. ولكن فيما يستمر الصراع، يزداد سوء أسبابه الكامنة”.
أعضاء مجلس الأمن يدينون الهجوم على مطار أبها السعودي
وبعد الجلسة أدلى السفير الكويتي منصور العتيبي، الذي يرأس مجلس الأمن خلال الشهر الحالي، بتصريحات صحفية نيابة عن الأعضاء شددوا فيها على أن الحل السياسي هو الوحيد الكفيل بإنهاء الصراع في اليمن.
وأكد الأعضاء دعمهم الكامل لدعوة المبعوث الخاص للأمين العام لكل الأطراف للانخراط بحسن نية مع العملية التي تقودها الأمم المتحدة لتحقيق تقدم على مسار التسوية السياسية الشاملة، بموجب قرارات مجلس الأمن وخاصة القرار 2216، ومبادرة مجلس التعاون الخليجي وآليتها للتطبيق ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
وأدان أعضاء المجلس بأشد العبارات “الهجوم الذي نفذه الحوثيون على مطار أبها الدولي في المملكة العربية السعودية في الثاني عشر من الشهر الحالي، مما أدى إلى إصابة 26 شخصا بجراح منهم نساء وأطفال”. وأبدى الأعضاء تعاطفهم مع الضحايا والحكومة السعودية، وتمنوا الشفاء العاجل للمصابين.
وأكد أعضاء مجلس الأمن الدولي أن هذا الهجوم، والتهديد بوقوع مزيد من الهجمات ضد المملكة العربية السعودية والمنطقة، ينتهكان القانون الدولي ويهددان السلم والأمن الدوليين. وذكـّروا الأطراف بالتزاماتها وفق القانون الإنساني الدولي. وشدد الأعضاء على الحاجة لمحاسبة الجناة والمنظمين والممولين والداعمين لهذه الأعمال المستنكرة.
وأشار الأعضاء إلى ما ذكره المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي عن التلاعب بالمساعدات في المناطق الخاضعة لسيطرة أنصار الله (الحوثيين). وأدان الأعضاء هذه الممارسات وجددوا دعوتهم لتدفق الإمدادات الإنسانية والتجارية ودخول موظفي الإغاثة بشكل عاجل وآمن وبدون عوائق إلى اليمن.