الحديدة … من لهيب الحرب الى لهيب الحر !!
يظل إنقطاع التيار الكهربائي بمحافظة الحديدة من القضايا المؤرقة لحياة المواطنين خصوصا” مع دخول فصل الصيف ؛ ومعاناة قاسية يدفع ضريبتها النساء والأطفال وكبار السن والتي باتت تمثّل معاناة تشُبه الموت البطيء ، ولا سيما مع حرارة الصيف الملتهبة التي تشهدها المحافظة هذه الأيام الأمر الذي أدّى بكثير من أبناء الحديدة إلى النزوح الى العاصمة صنعاء بحثا” عن الهواء والبعض الاخر قرر قضاء أغلب أوقات يومهم في أرصفة الشوارع هروباً من جحيم الحر بعد طول الوعود بإعادة التيار الكهربائي الى المدينة ..
لم يكن يعلم الحاج أحمد مبروك البالغ من العمر ٥٥ عاما” من سكان مدينة الحديدة ان تتسبب الحرب والحر الشديد الى دفعة الى ترك منزلة وهو واحد من بين آلاف الاشخاص الذين اضطروا للنزوح والسفر الى صنعاء لقضاء اجازة عيد الفطر المبارك بسبب موجة الحر الشديدة الذي شهدتها مدينة الحديدة هذا العام في ظل انقطاع التيار الكهربائي الحكومي وتوفر التيار الكهربائي التجاري بمبالغ خيالية شهريا” ..
ويروي مبروك مرارة نزوحه قائلاً : “لم يكن لدي خيار آخر سوى ترك منزلي والسفر برفقة عائلتي واطفالي الى صنعاء للهرب من جحيم الحر الشديد وتوسع الاشتباكات بين المسلحين إلى جوار منزلنا وانتهاز الفرصة ثم الفرار انا واسرتي والنزوح بعيدا” عن مدينتي عروسة البحر الاحمر لأن العيد في الحديدة له مذاق اخر ” ..
ويضيف : لقد فاقمت الحرب من معاناتنا وزادت من اوجاعنا وتوقفت اعمالنا بسبب استمرار الحرب وتردي الخدمات الاساسية واصبحنا بين ناري الحرب والحر الشديد الذي تعيشة مدينة الحديدة هذة الايام ولا يوجد بصيص امل لعودة الحياة كما كانت في السابق ..
وتسبب ارتفاع درجات الحرارة فى محافظة الحديدة ، هذة الايان الى وجود حالات من الإغماء بين المواطنين وكبار السن والمرضى بسبب اشتداد درجة الحرارة وانقطاع التيار الكهربائي ، كما دفع الحر الشديد عشرات المواطنين إلى الخروج إلى الشوارع والحدائق للنوم بحثا” عن نسمات هواء ..
ومع تزايد اعداد الفارين من محافظة الحديدة هربا” من جحيم الحرب والحر الشديد لايوجد احصائيات دقيقة حول أعداد النازحين الفارين من محافظة الحديدة باستثناء الارقام الاولية التي ترفع بها معظم المنظمات الدولية ..
واوضح بيان للمجلس النرويجي للاجئين، أوردته وكالة “الأناضول”، أنّ اتفاق السويد قدم بصيص أمل لملايين اليمنيين، لكن تنفيذه كان أقل بكثير من التوقعات، واستمر العنف والنزوح بلا هوادة خلال الـ6 أشهر التالية للاتفاق.
وأشار البيان بأن العنف أجبر أكثر من 250 ألف شخص على الفرار من ديارهم. ولفت البيان إلى أنَّ محافظة الحديدة ، مثَّلت أكبر عدد من النازحين حيث نزح أكثر من 26 ألف شخص في المحافظة ذاتها وأصبحوا بلا مأوى منذ توقيع الاتفاق وخسرت عشرات العائلات مصدر زرقها بعد تعرض مزارعهم إلى أضرار جراء المعارك العسكرية هناك ..
وعود متكررة دون جدوى !!
وعلى مدى عقود من الزمن يعيش أبناء الحديدة ” في معاناة مستمرة الا وهي “أزمة الكهرباء” على الرغم من الوعود المستمرة بتشغيل الكهرباء من قبل الحكومات المتعاقبة ، فالكهرباء التي تمثل قلب الحياة النابض أصبحت اليوم حالة ملازمة لحياتهم اليومية ؛؛ ومع انقطاعها يتوقف كل شيء ولاسيما مع شدة الحر ودخول فصل الصيف مستويات قياسية تؤدي إلى الإصابة بحالات نفسية والإغماء وفقدان الأعصاب وتلف الأغذية وتعطيل الأعمال في المحلات التجارية والإخفاق الدراسي للطلبة والذين يتوقف على نجاحهم مستقبل البلاد والعباد.
وكانت المؤسسة العامة للكهرباء بالحديدة قد وعدت بتشغيل الكهرباء لسكان مدينة الحديدة خلال فصل الصيف وبسعر خيالي للكيلو وات بمبلغ ٢٢٠ ريال الا ان معظم سكان المحافظة لم يعد بمقدورهم دفع كل تلك التكاليف الباهظة خصوصا” مع توقف الرواتب ومصادر الدخل لدى الكثيرين من ارباب الاسر ..
ويعلل المسئولون في الكهرباء بمحافظة الحديدة عن وجود صعوبات تواجه عملهم منها عدم توفير المازوت والديزل، وتوقف تحصيل إيرادات صندوق دعم الكهرباء جراء الحرب والحصار على موانئ المحافظة من قبل التحالف العربي ، إلى جانب تهالك الشبكة الكهربائية وغير ذلك من الصعوبات بحسب مصدر مسئول في الكهرباء ..
ضحايا الكهرباء :
كثيرون هم الذين قضوا وعانوا كثيراً من معاناة الكهرباء، أما بسبب الحرائق الناتجة عن إنقطاع التيار أو بسبب الظلام الناتج عن إنقطاع التيار او بسبب المولدات الكهربائية وما يترتب عليه من أضرار ونتائج سلبية خطيرة واللافت أن معاناة الكهرباء في محافظة الحديدة تتكرر عاما” بعد عام وتزداد حدتها مع قرب حلول فصل الصيف القارص ، حيث يحتاجُ المواطنون إلى التكييف والراحة والجو البارد بسبب الحر الشديد الذي تشهده المحافظة ..
وفي كل الأحوال فإن انقطاع الكهرباء أيام فصل الصيف ونهب المبالغ المالية المخصصة لصندوق تشغيل الكهرباء بالحديدة والمدعوم من قبل التجار والمستثمرين يطرَحُ الكثيرَ من التساؤل والدهشة عن مصير تلك المبالغ التي ذهبت ادراج الرياح ولم يلتمس المواطن اي نتيجة او بصيص امل حتى لحظة كتابة التقرير…
وتتعدد معاناة واوجاع سكان مدينة الحديدة مع استمرار الحرب والمواجهات العسكرية المستعرة في اطراف المدينة في ظل اوضاع انسانية صعبة يعيشها ابناء البشرة السمراء بسبب انقطاع التيار الكهربائي والحر الشديد وتردي الخدمات الصحية وتوقف عدد من المصانع والمولات التجارية واغلاق معظم الشوارع والطرقات …
يروي الحاج / عمر سلمان الاهدل من سكان مديرية المراوعة وبمرارة معاناتة بسبب الحرب والحر الشديد ل ” الحديدة نيوز ” وبلهجتة التهامية قائلا” : الله لاوفقهم اللي تسبب في تة امحرب …
ويقول الأهدل : لم أعد امتلك شيئاً .. من فيان نأكل .. فيان ابوك بالله .. كل شي تغير حتى قلوب الناس اتغيرن …
أم الخير هي واحدة من الامهات التي صمدت في مدينة الحديدة وظلت في منزلها ولم تخيفها اصوات المدافع والرشاشات التي أقتربت من المدينة ..
تقول أم الخير ل ” الحديدة نيوز ” : الى اين نذهب يا الله مافي معانا الا بيوتنا نجلس فيها مافيش معاناة مصاريف السفر والنزوح وتكاليف الفنادق والشقق كان معي راتب زوجي العسكري المتوفي كنت استلمه لكي اصرف على اولادي ومع الحرب توقف الراتب وماعاد نستلم الا نص راتب في المناسبات والاعياد ..
واطلقت ام الخير مناشدتها للحكومة والسلطة المحلية بالحديدة الى سرعة انقاذ ابناء الحديدة بالكهرباء والتخفيف من معاناتهم وايجاد الحلول المناسبة لهم كون الحر هذا العام اشد من العام الماضي ..
وكانت قد هدّدت مستشفيات حكومية واهلية بمحافظة الحديدة ، بإغلاق أبوابها وإخراج المرضى؛ بسبب انقطاع التيار الكهربائي واشتداد درجة الحرارة وتوقف الخط الساخن المشغل الوحيد للمستشفيات والمرافق الصحية بسبب انعدام المازوت .
في الأخير ….
ومع تزايد المعاناة التي أرهقت كاهل المواطن في محافظة الحديدة جراء الحرب وإنقطاع الكهرباء وأوضاع معيشية صعبة يعيشها سكان البشرة السمراء بسبب الحرب الشديد أستطاع الناس أن يكيفوا أنفسهم مع أسوأ الأحوال ويتعايشون معه حتى يأتي الله بالفرج ويوقف الحرب ويرفع الحصار على بلادنا ، بات مقتنعاً بأبسط حقوق العيش في المواطنة ،، ملتجأون إلى الله أكف الضراعة والخضوع بإبدال حالهم إلى أحسن حال.