الأونروا: إسرائيل رفضت 40% من طلبات تصاريح مغادرة غزة لتلقي العلاج – واتهام الأونروا بأنها المشكلة هراء

قال ماتياس شمالي مدير عمليات الأونروا في غزة، إنه في ظل مقتل المئات وإصابة أكثر من 30,000 شخص حتى الآن خلال المظاهرات على الحدود بين غزة وإسرائيل، والمعروفة باسم “مسيرة العودة الكبرى”، يواجه العديد من الفلسطينيين الآن خطر العيش مع الإعاقة مدى الحياة، خاصة وأن إسرائيل تصعب خروجهم من غزة لتلقي العلاج المناسب وتلغي تصاريح الخروج السابقة للذين يعانون من أمراض مستعصية مثل السرطان.

جاء ذلك في حوار أجرته الزميلة مي يعقوب مع السيد شمالي على هامش زيارته إلى المقر الدائم بنيويورك، أشار فيه إلى “الآثار المدمرة من الناحية النفسية” على سكان القطاع الذي يعاني من حصار مزمن يعيق تقدمه وازدهاره.

وبحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية التي تتابع الوضع الصحي عن كثب، رفضت إسرائيل 40 في المئة من طلبات الحصول على تصاريح لمغادرة قطاع غزة للعلاج.

وخلال زيارة إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك لتسليط الضوء على مؤتمر الأونروا لإعلان التبرعات في 25 من حزيران /يونيو، لخص ماتياس شمالي إنجازات وكالة الأونروا في القطاع بما فيها على صعيد الصحة والتعليم حيث أشار إلى ما تغرسه الأونروا في تلاميذها من توق إلى احترام حقوق الإنسان والسلام. الأمر الذي يظهر جليا في تفوق طلابها بمن فيهم جميلة التي حصدت قصيدتُها حول السلام جائزة في مسابقة أجريت في الولايات المتحدة.

شمالي أكد أيضا أنه “من الهراء أن ندعي بأن أونروا هي المشكلة”، مشيرا إلى أن المشكلة تكمن في فشل الدول في إيجاد حل سياسي للحالة المستمرة منذ أكثر من سبعين عاما.

تفاصيل الحوار فيما يلي:

أخبار الأمم المتحدة: في آخر إحاطة قدمها إلى مجلس الأمن، حذر المفوض العام للأونروا، السيد بيير كرينبول، من أن الوكالة ليس لديها أموال كافية لإدارة عملياتها بعد منتصف حزيران/يونيو 2019. نحن في يونيو. هل هناك أي تغيير إيجابي في الأفق؟

تداعيات مسيرة العودة الكبرى مدمرة، ليس فقط من حيث الإصابات وفقدان الأرواح، ولكن أيضا من الناحية النفسية.

ماتياس شمالي: للأسف، لم يتغير الوضع بشكل كبير. مازلنا نحصد تضامنا كبيرا من الدول الأعضاء بما في ذلك خلال وجودي هنا في نيويورك. كما تعلمين، وسنتحدث عن ذلك لاحقا، هناك مؤتمر سنوي لإعلان التبرعات في نهاية شهر حزيران/يونيو، وسنحتاج حقًا إلى أن نرى تعهدات قوية بحلول نهاية حزيران/يونيو، وإلا، وكما قال المفوض العام، سنضطر إلى النظر في بعض الإجراءات الخطيرة على صعيد عملياتنا.

 

UNIFEED VIDEO
مظاهرات مسيرة العودة الكبرى قرب الحاجز الفاصل بين غزة وإسرائيل.

أخبار الأمم المتحدة: كيف الوضع على الأرض بالنسبة للناس في غزة في السياق الحالي لمظاهرات يوم الجمعة أو ما يعرف بمسيرة العودة الكبرى والعنف على الحدود بين إسرائيل وغزة؟

ماتياس شمالي: مسيرة العودة الكبرى التي تجري بشكل رئيسي يوم الجمعة – لكن في الأسابيع الأخيرة بدأت تحدث أيضا في أيام أخرى من الأسبوع- بدأت نهاية شهر آذار/ مارس من العام الماضي. لقد مرّ أكثر من عام على هذه المظاهرات، وقد صاحبها تأثير مدمر من الناحية الإنسانية، إذ أصيب أكثر من 30,000 شخص، 7000 منهم بالذخيرة الحية، والكثير من الأشخاص الذين أصيبوا بالذخيرة الحية يواجهون الآن خطر العيش مع الإعاقة مدى الحياة. لم يعد البعض قادرا على العمل. إذا، فقدوا دخلهم وسبل عيشهم نتيجة لذلك. كما قتل 200 شخص هذا العام بمن فيهم 13 على الأقل من طلاب الأونروا. طلاب من مدارسنا. مرة أخرى، فإن التداعيات مدمرة، ليس فقط من حيث الإصابة وفقدان الأرواح، ولكن أيضا من الناحية النفسية. الناس يعانون من عواقب كل هذا، ليس أقله لأنه حتى الآن لم تؤتِ المظاهرات ثمارها. إذ إن النتيجة الرئيسية لمسيرات العودة الكبيرة كانت الإصابات والقتل. لم يتم إنجاز أهدافها الأساسية وهي كما تعلمين، تتعلق بالعدالة للاجئين وإنهاء الحصار. ولم يتحقق أي منهما.

أخبار الأمم المتحدة: أريد أن أركز أكثر على الوضع الصحي، فنقلاً عن جيمي مكغولدريك، منسق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة وفي آخر مؤتمر صحفي له في جنيف (8 مايو) تحدث عن حالات التهاب العظام التي أدت إلى أكثر من 120 عملية بتر. نحن نعلم أن الأونروا تقدم خدمات رعاية صحية أولية. لذلك أفترض أنكم لا تملكون القدرة على معالجة هذه الحالات. ماذا تفعلون بها؟ هل تنقلونها إلى مكان آخر؟

في الشهر الماضي تم رفض حوالي 40٪ من طلبات الحصول على تصاريح لمغادرة غزة لتلقي العلاج.

ماتياس شمالي: غزة مكان صغير جدا يضم مليوني شخص. لذلك فإن الجميع يعرف كل شيء عن كل شيء، ومن يفعل ماذا. الناس يعلمون أننا ندير مراكز رعاية صحية أولية. إذن أولئك الذين أصيبوا بجروح خطيرة ذهبوا إلى المستشفيات. هناك عدد قليل قدم إلى مراكزنا الصحية كانوا مصابين بأعيرة نارية. ويجب أن أقول إنني قابلت بعض ممرضينا الذين قاموا بعمل بطولي. إذ إنهم غير مدربين أو مجهزين لإزالة طلقات الرصاص من أجساد الناس، لكنهم فعلوا ذلك وأنقذوا الأرواح. معظم الحالات ذهبت إلى المستشفيات ونحن نقدم الرعاية ما بعد العناية التي يتلقاها المصابون في المستشفيات مثل تغييرِ ضمادات الجراح أو العلاجِ الفيزيائي الذي يعد مشكلة كبيرة بالنسبة لسبعة آلاف شخص أصيبوا بالذخيرة الحية، والدعمِ النفسي. الآن بالعودة إلى ما قاله جيمي مكغولدريك، من الواضح جدا أن مستشفيات غزة لا تملك القدرة على التعامل مع كل هذه الحالات الخطيرة للغاية، وعلى وجه الخصوص الجراحة الترميمية. ومن الواضح جدا أنه يتعين على هؤلاء الأشخاص الذين يحتاجون إلى عناية مناسبة، مغادرة غزة للذهاب إلى الضفة الغربية أو الأردن أو تركيا.

أخبار الأمم المتحدة: هل يمكنهم مغادرة غزة؟

ماتياس شمالي: هذا سؤال جيد. عليهم الحصول على تصريح من السلطات الإسرائيلية وللأسف، حتى الآن لم يتم إصدار عدد كافٍ من التصاريح لهذه الحالات. هذا يحدث في السياق العام الذي أصبح فيه الإسرائيليون يصعّبون في بعض الأحيان منح تصاريح لأسباب طبية، ومسيرة العودة هي بالطبع الحالة الأكثر بروزا. ولكن سمعت منذ أيام أن أخت زميل لنا تبلغ من العمر 53 عاما وتعاني من السرطان، تحتاج إلى الذهاب بانتظام إلى الضفة الغربية للحصول على علاج السرطان. وعلى الرغم من أن لديها تصريحا، فقد رُفض تصريحها فجأة. إذن ما أحاول قوله هو أن مغادرة غزة لتلقي العلاج الطبي مشكلة. تراقب منظمة الصحة العالمية هذا الأمر بعناية فائقة، وتنشر الإحصاءات شهريا. أعتقد أنه في الشهر الماضي تم رفض حوالي 40٪ من طلبات الحصول على تصاريح، وهو رقم مرتفع.

 

 

@OCHA oPt
أرشيف: سيارات إسعاف أمام مستشفى الشفاء، أكبر مستشفيات قطاع غزة.

أخبار الأمم المتحدة: الآن وقد تحدثنا في الغالب عن التحديات، أريد أن أنتقل بالحديث عما تم تحقيقه بفضل خدمات الأونروا وأنشطتها في غزة؟

ماتياس شمالي: حسنا، دعيني أجيب على هذا السؤال بالإشارة أولا إلى حجم ما نقوم به. ما لا يقل عن 70 ٪ من مجموع سكان غزة البالغ عددهم مليوني شخص، أي ما لا يقل عن 1.4 مليون، هم لاجئون فلسطينيون. لذلك بالنسبة لهؤلاء ال 70٪ أو أكثر من السكان، نحن أكبر مزود للخدمة العامة. نحن ندير 274 مدرسة، وهناك 280,000 طفل في تلك المدارس الآن. أنتِ سألتِ عن الإنجازات. نحن نُقيـّم بانتظام نتائج خدماتنا التعليمية- ويتم ذلك أيضا عن طريق جهات خارجية مستقلة مثل البنك الدولي أو وزارة التعليم. ويتفوق طلاب الأونروا بانتظام على طلاب المدارس الحكومية وحتى المدارس الخاصة. هذه إحدى نتائج خدماتنا، وهي أجيال من فلسطينيين متعلمين، أطفال لاجئون يتمتعون بتعليم معترف به قوي للغاية. والنتيجة الأخرى أو الإنجاز الآخر هو عملنا في مجال الرعاية الصحية الأولية. لدينا 22 مركزا صحيا وهناك قصص نجاح مذهلة أيضا. وأود أن أخبرك بحالة تتعلق بطفل جاء إلينا كان على وشك الانتحار. وموظفونا الصحيون مدربون على معالجة الجروح أو آلام المعدة أو أي شيء آخر، ولكن أيضا على اكتشاف المشكلات النفسية. وتمكن الموظفون في هذا المركز الصحي من إنقاذ حياة الولد لأنهم فهموا أن مشكلته كانت نفسية وأحالوه إلى الأشخاص المناسبين. التقيتُ بالطفل قبل بضعة أشهر. هو الآن يرسم وقد وجد فرحه بالحياة مرة أخرى. هناك أيضا العديد من القصص حول مساعدة المصابين بأمراض غير سارية… يقوم موظفونا بعمل رائع… إذن الإنجاز هنا هو الحفاظ على اللاجئين الفلسطينيين بصحة جيدة. وهذا إنجاز كبير في ظل ظروف غزة.

 

Hazem Balousha
تكريم طلبة المدارس بجائزة أفضل رسمة حول حقوق الإنسان في غزة.

أخبار الأمم المتحدة: نعم هناك أيضا قصة سمعتها مؤخرا عن الطالبة الفلسطينية جميلة التي كتبت قصيدة جميلة عن السلام. هذه قصة نجاح أخرى.

ماتياس شمالي: نعم شكرا على ذكر ذلك. نحن نـُنتَقد بأننا نعلم في مدارسنا الكراهية والعنف، والعكس هو الحقيقة. إذ نحاول حقا أن ندمج في تعليمنا جوانب عن حقوق الإنسان والسلام. غالبية الأطفال والمدرسين الذين قابلتهم هم أناس محبون للسلام يريدون فقط حياة طبيعية كريمة. وبالفعل، الفتاة التي تبلغ من العمر 14 عاما، قد فازت في مسابقة أقيمت هنا في الولايات المتحدة عن القصيدة التي كتبتها والتي للأسف لم أحفظها، لكنها جميلة وعاطفية جدا وتتحدث عن السلام. هذا نتيجة عملنا التعليمي.

أعتقد أنه من الهراء الادعاء بأن أونروا هي المشكلة. فأنا لا أفهم كيف لتعليم الأطفال أو الحفاظ على صحة سكاننا أن يكون مشكلة.

أخبار الأمم المتحدة: في هذا السياق، وفي سياق الانتقادات التي تتعرض لها الأونروا- ما الذي تقوله للأشخاص الذين يتهمون الأونروا بأنها المشكلة ويطالبون بإغلاقها؟

ماتياس شمالي: أعتقد أنه من الهراء الادعاء بأن أونروا هي المشكلة. فأنا لا أفهم كيف لتعليم الأطفال أو الحفاظ على صحة سكاننا أن يكون مشكلة. لقد تحدثنا للتو عن قصيدة السلام التي كتبتها إحدى طالباتنا. هذه نتيجة تعليمنا. نحن في الواقع نساهم في منع المزيد من التصعيد من خلال الخدمات الأساسية التي نقدمها. هذا أول تعليق أود أن أدلي به في هذا الشأن. أما تعليقي الثاني، فهو أن سبب هذه المشكلة هو الفشل السياسي. وكان الأمين العام السابق بان كي مون، قد قال ذلك، لقد قال إن الأونروا تأسست نتيجة للفشل السياسي. الفشل السياسي هو عدم إقامة دولة فلسطين. لقد تم طرد اللاجئين الفلسطينيين منذ 70 عاما من أرضهم بوعد إقامة دولة لهم، وهم ما زالوا ينتظرون الوفاء بهذا الوعد. تفويضنا لا ينص على إنشاء دولة. المشكلة هي أن أولئك الذين وعدوا بإنشاء دولة لا يفعلون ذلك. إنها مشكلة سياسية يجب معالجتها بالوسائل السياسية. والأونروا تساهم في الحفاظ على الآمال وهي ليست المشكلة.

أخبار الأمم المتحدة: سؤالي الأخير حول مؤتمر إعلان التبرعات السنوي للأونروا الذي سيعقد في 25 من حزيران /يونيو في المقر الرئيسي هنا في نيويورك. يأتي هذا المؤتمر فورا بعد مؤتمر البحرين. ماذا تتوقع أو ترغب في أن ينجزه مؤتمر الأونروا؟

ماتياس شمالي: أعتقد أن أول شيء، بما أنك ذكرت مؤتمر البحرين الذي تنظمه الولايات المتحدة في الوقت نفسه، نحن لا ننظر إلى هذين المؤتمرين على أنهما حدثان متنافسان. ما سمعناه حتى الآن هو أن مؤتمر البحرين يركز على الانتعاش الاقتصادي، بما في ذلك خارج غزة. لكن مؤتمرنا لا يتعلق بالانتعاش الاقتصادي، بل هو يتعلق بالحصول على أموال لتمويل خدماتنا الأساسية بما فيها التعليم والصحة التي تحدثنا عنها، والتمويل لعملنا الإنساني مثل الطعام الذي نوفره لمليون شخص في غزة. إذا هذان المؤتمران لا يتنافسان، فهما ينظران في أشياء مختلفة وينبغي أن يُنظر إليهما على أنهما مكملان لبعضهما البعض. وما نتوقعه ونأمله هو أن تقوم الدول الأعضاء التي عبرت عن تضامن كبير جدا مع الأونروا -حيث تحدث مؤخرا 14 عضوا من أعضاء مجلس بشكل إيجابي للغاية والبعض قال ذلك بعبارات قوية جدا وبشكل إيجابي للغاية-، نأمل في أن تترجم عبارات التضامن هذه كما حدث العام الماضي، إلى دعم مالي.

قد يعجبك ايضا