لا يمكن لهذا الاسترخاء العربي، أن يواجه هجوم حتى لو كان من ذبابة، ولايمكن لأي إنسان تبقى لديه القليل من الاحاسيس أن يراهن على الأنظمة العربية الموجودة لمواجهة خطر الصهيونية.
وبينما يلاحظ أن الأنظمة العربية قطعت شوطاً واضحاً في التعامل مع الكيان الصهيوني، يلاحظ أن التيار العربي المقاوم ايقظ مشاعر رفض للكيان الصهيوني كادت أن تندثر بفعل الضربات الثقافية والسياسية والتي تلقتها الشعوب العربية على مدى العقود الثلاثة الأخيرة.
حيث يرى عدد من المراقبين أن المعركة الفكرية بين الأنظمة المتواطئة مع اسرائيل، وتيار المقاومة العربية، أخذت تتصاعد في السنوات الأخيرة، ولم تعد أفكار التدجين الصهيونية هي المهيمنة على الساحة العربية كما كانت قبل اعوام قليلة.
نهضة المارد
ويشرح الأستاذ عبدالحافظ البطاح استاذ علم الاجتماع مسألة المعركة الفكرية مع العدو بالقول أن عدوى الرفض لإسرائيل انتقلت من الشعوب العربية التي احيت مشاعر المناهضة للعدو الصهيوني، وانتقلت تلك المشاعر إلى الشعوب التي تخضع لأنظمة باتت تهرول لتحصل على رضى اسرائيل، ويضيف البطاح أن احياء مشاعر العداء للكيان الصهيوني عند الشعوب ستوجد الكثير من العراقيل للمشروع الأمريكي الهادف لإخضاع المنطقة العربية، خصوصاً أن المعركة كانت تسير للسيطرة على نفسية المواطن العربي، والتي كانت تحدث لإيجاد نفسيات مهزومة، مستسلمة للمشاريع الصهيونية الرامية لاستبعاد العرب والسيطرة عليهم.
شعور دائم بالقلق
تمثل مناسبات مثل جمعة القدس محطة لتقيم الحسابات لدى جميع الأطراف، حول نسب العداء لوجود ” اسرائيل” في المنطقة العربية، ويقول الدكتور فؤاد حسن استاذ الأدب المقارن، أن هناك مراكز ابحاث تعمل على تحليل الخطاب الاعلامي في البلدان العربية تجاه اسرائيل، وتعمل على دراسة كل مظاهرة أو مسيرة معادية لـ”اسرائيل”، وأن دوافع الصهاينة لرصد ودراسة كل اشكال العداء للكيان الصهيوني تنبع من شعور دائم بالقلق، من مشاعر العداء لإسرائيل في المنطقة العربية، وبالتالي تقديم الحلول الافتراضية لمحاولة جعل وجود اسرائيل اكثر ثباتاً واستقرار في المنطقة.
من المهم أن يعرف كل مواطن
ويضيف الدكتور فؤاد “من المهم أن يعرف كل مواطن عربي، أن اسرائيل كيان هش يشعر بالرعب من تحرك شعبي معادي للكيان الصهيوني، ومن المهم أن يعرف كل مواطن عربي أن مشاركته في مسيرة مناهضة للعدو الصهيوني، ستساهم في الانتصار لقضية الأمة المركزية ومواجهة الاحتلال الصهيوني للأراضي العربية والمقدسات الاسلامية.
مشاريع امريكا تبتعد أكثر
على مدى خمسة عقود اخذت الصهيونية العالمية، تقترب من تحقيق اهدافها ليس فقط في احتلال الأراضي العربية الفلسطينية، بل أنها قطعت اشواطاً مهمة في تنفيذ مشروع السيادة الإسرائيلية على الشعوب العربية.
وحول هذه المسألة يقول الباحث السياسي حلمي العبسي، أن المشاريع الأمريكية لفرض اسرائيل انتقلت من مرحلة إلى اخرى، وما نسمعه اليوم من مشروع صفقة القرن، وتصفية القضية العربية الفلسطينية، هو في الحقيقة، نتاج لمراحل من العمل المكثف، كان خلالها المواطن العربي، هو المستهدف الأول، بعد أن ضمنت اسرائيل ولاء الأنظمة الحاكمة التي زرعتها في الدول العربية، وتعد اليقظة التي تشهدها دول محور المقاومة، ضربة لا يستهان بها للتوجهات الأمريكية في اخضاع العرب للكيان الصهيوني، ومهما حاولت الولايات المتحدة، صناعة القمم وحرف بوصلة العداء العربي بعيداً عن اسرائيل، إلا الأحداث الحاصلة حالياً في المنطقة تؤكد أن مساعي واشنطن لتدجين العرب اصبحت بعيدة جداً، بعد أن كانت قد اقتربت من مرحلتها النهائية، بوضع اسرائيل سيدة بلا منازع على شعوب عربية رخوة تحكمها انظمة مترهلة عاجزة عن اظهار أي ردة فعل لمواجهة قوى الهيمنة والاستكبار الصهيونية الأمريكية.