رغم الفضائح المتلاحقة التي عرت عمل المنظمات الدولية في اليمن، إلا أن الملاحظ أن تلك المنظمات لم تبدي أي اكتراث، لتوضيح الموقف.
معركة الفضح للمنظمات الدولية والمحلية، شهدت في الآونة الأخيرة الكثير من المكاشفات من قبل الأطراف اليمنية، وهي مكاشفات جعلت ما ترتكبه المنظمات من نهب للمساعدات، مسألة لا تقل خطورة عما يرتكبه التحالف من انتهاكات في اليمن.
ومن وجهة نظر مراقبين حقوقيين يبدو أن ما تقوم المنظمات الانسانية والاغاثية أكثر خطورة على الشعب اليمني، بسبب أن تلك المنظمات تتلبس ” الإنسانية” لممارسة النهب، مستغلة الظروف الصعبة التي يعايشها شعب اليمن تحت القصف والحصار والحرب الاقتصادية.
ويعتقد البعض أن المنظمات أصبحت أول المستفيدين من المأساة، وأن الدور المشبوه الذي تمارسه المنظمات يدخلها ضمن قائمة المسألة فيما يخص الانتهاكات التي يتعرض لها شعب اليمن من القتل قصفاً وتجويعاً، وأن استثمار معاناة شعب اليمن، على يد المنظمات يجعل عملها يخرج عن الأطر الانسانية، ويتحول إلى مشروع أناني يستفيد منه القائمون على هذه المنظمات، ولم يحقق شعب اليمن من تلك المساعدات أي فائدة تذكر.
في مارس الماضي، وبمناسبة تدشين خطة الاستجابة الانسانية، كانت صنعاء أول من كاشف بحقيقة الفساد الحاصل في عمل المنظمات “الانسانية” من خلال سلسلة من الحقائق اطلقها أحمد حامد رئيس هيئة ادارة الشئون الانسانية في صنعاء، تحدث فيها عن عدم التزام المنظمات بتقديم المساعدات بالشكل المطلوب ووفق الخطط المرسومة بناء على الاحتياجات المطلوبة لشعب اليمن، وقام خلالها حامد بتسليط الضوء حول النفقات الضخمة التي تقوم تلك المنظمات بصرفها على ما يسمى النفقات “التشغيلية” والتي وصلت إلى حد مصادرة أكثر من ثلثي المساعدات التي تحصل المنظمات من المانحين باسم الشعب اليمني.
لاحقاً في ابريل المنصرم تم الاعلان أن قيمة المساعدات التي ارسلت لشعب اليمن بلغت أكثر من 22 مليار دولار حتى نهاية العام 2018 ، الأمر الذي دفع بالناشطين الحقوقيين إلى إعلان حملة “اين الفلوس”؟ لكن تلك الحملة لم تدفع المنظمات الى تبرئة ساحتها، وتقديم اجابات مقنعة توضح الفجوة بين مبلغ المساعدات الكبير، وحجم المساعدات الضئيلة التي يتم توزيعها على شعب اليمن.
ورغم أن حجم المساعدات التي يتلقها الشعب اليمني لا تتجاوز 40% من الاحتياج المطلوب حسب تصريح وكيل الهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الشئون الانسانية في صنعاء، إلا أن الأمم المتحدة لم تقم حتى الآن بتفعيل آلية واضحة لمحاسبة المنظمات العاملة في اليمن حول ما يتم تسلمه من المانحين باسم اليمن، وحقيقة ما يجري انفاقه على ارض الواقع.
ويعتقد بعض المراقبين أن سلسلة الفضائح التي ظهرت خلال العام الجاري، ستجبر المانحين على مراجعة حساباتهم فيما يخص التعامل مع المنظمات الدولية، وأن أي استمرار في نفس الآلية التي تعمل بها المنظمات، سيثبت أن هناك تواطؤ مشترك بين المانحين والمنظمات الإغاثية إضافة إلى الأمم المتحدة، لنهب المساعدات، دون اكتراث لمأساة اليمن الإنسانية التي تعد الأكبر على مستوى العالم.