لماذا تتجنب السعودية الحوار مع إيران؟
لم تمهل القيادة السعودية نفسها ، حتى بعض الوقت ، في التفكير بالرد على دعوة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف للحوار بين البلدين، فقد تسابق مسؤولوها على رفض اليد الايرانية الممدودة، ومنهم السفير السعودي في الأردن خالد بن فيصل آل سعود، الذي قال: لا تمدوا يدكم، كفّوا يدكم عن التدخل في الشؤون العربية.
احتار المراقبون في تبرير الموقف السعودي الرافض للحوار مع ايران وتجنيب المنطقة ويلات الحرب ، فجميع بلدان العالم دون استثناء ، تدعو للحوار من اجل تسوية المشاكل والازمات التي تعصف في منطقة الشرق الاوسط ، والتي اختلقتها سياسة ترامب الخرقاء ، ولا استثناء في هذه القاعدة الا السعودية ، التي مازالت تفضل خيار الحرب.
الملفت ان اغلب الدول التي تدعو الى تجنب منطقة الشرق الاوسط ويلات الحرب ، بعيدة جدا عن المنطقة ، فيما السعودية التي تقع في قلب المنطقة ، لا تشعر بأي قلق من اندلاع الحرب ، بل على العكس تماما تطالب بوقوعها في اسرع وقت ممكن وتحرض امريكا والكيان الاسرائيلي على ذلك!!.
الملفت اكثر ان دولا في المنظمة الخليجية مثل الكويت وقطر وسلطنة عمان ، من المفترض ان تكون حلفاء للسعودية ، نراها تبذل كل ما في وسعها من اجل ترجيح خيار التفاوض على خيار الحرب لتجنيب المنطقة ويلاتها.
حتى امريكا تراجعت عن خطابها الاستفزازي ، وجنحت للخطاب الهادىء ، بعد ان رات جدية ايران في الدفاع عن حقوقها وعدم تراجعها امام التهديدات والتحشيد العسكري في منطقة الخليج الفارسي.
السعودية تمد يدها حتى الى “اسرائيل” ، وتنسق معها ، وتدخل معها في الجهود المبذولة لتصفية القضية الفلسطينية ، وتتعامل بتبعية مرضية مع امريكا ، وتجعل من ترامب شريكها في عوائد نفطها ، بينما تتعامل بتكبر وغرور ، لا يليق بحكامها مع ايران.
مزاعم السعودية بشأن اتهام ايران بالتدخل في الشؤون العربية ، والتي عادة ما تتخذها ذريعة لرفض الحوار مع ايران ، هي الصق بالسعودية ، بل ان اسم السعودية بات عنوانا للتدخل في شؤون العديد من الدول العربية والاسلامية ، ولايمكن حصر عدد وحجم هذا التدخل في هذه السطور ، ويكفي القاء نظرة سريعة لما يحدث حولنا من كوارث انسانية ، حتى نقف على عبثية السياسة السعودية.
رغم كل ما قيل عن اسباب تخوف وتهرب السعودية من الحوار مع ايران ، الا ان السبب الاول والرئيسي وراء هذا التخوف ، يكمن في عدم امتلاك السعودية اي خطاب سياسي سيد ومستقل ، ازاء قضايا الامة ، يمكن ان ترفعه في وجه الخطاب الايراني ، فدورها بات لا يعدو دور التابع الذي ينفذ ما يؤمر به ، كما اتضح ذلك في قضية صفقة القرن ، فيما ايران تمتلك اقوى خطاب سياسي ، واقربه الى نبض الشارعين العربي والاسلامي ، بعد ان تحولت عقبة كأداء امام محاولات امريكا و”اسرائيل” ابتلاع منطقة الشرق الاوسط ، لذا لا تجد السعودية من وسيلة لستر عورتها هذه الا بالاختباء وراء مواقفها المتعنتة والرافضة للحوار مع ايران ، فالحوار بالنسبة للسعودية يعني انكشاف حقيقة سياستها ومواقفها ودورها ازاء كل ما يجري في المنطقة.
ماجد حاتمي / العالم