ما الذي تريده الإمارات من سقطرى؟
مرّة جديدة تتفجّر الأزمة بين الإمارات والرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي، الخلافات الجديدة، القديمة، كانت عبر بوابة سقطرى التي تطمع الإمارات في السيطرة عليها.
ليست المرّة الأولى التي تُتهم فيها الإمارات بمحاولة الاستيلاء على سقطرى، فقد شهد الأرخبيل في مايو 2018 توتراً غير مسبوق إثر إرسال أبو ظبي قوات عسكرية إماراتية سيطرت على المطار والميناء دون إذن من السلطات المركزية والمحلية اليمنية، ما جعل رئيس الوزراء السابق داحمد عبيد بن دغر، يذهب مع حكومته إلى الجزيرة ويمكث فيها، وانتهى التوتر بانسحاب القوات الإماراتية من الجزيرة بعد وساطة سعودية.
كذلك، تعهد محافظ أرخبيل سقطرى، رمزي محروس، في 30 أبريل الفائت بعدم السماح بإنشاء تشكيلات عسكرية أو قوات أمنية خارج إطار المؤسسات الرسمية “الشرعية”، واصفاً هذه التشكيلات بأنها بؤرة للصراع في المحافظة.
اليوم، وبعد الخروج السابق للقوات الإماراتيّة من الجزيرة، تسعى الإمارات للالتفاف على سكّان الجزيرة عبر إرسال عشرات الجنود الذين دربتهم الإمارات ويدينون لها بالولاء، بغرض إيجاد قوة موالية للإمارات في الجزيرة.
الإمارات لا تتوانى عن تصفية كل من يسعى للوقوف أمام مشروعها في الجنوب اليمني، فبعد اتهامها سابقاً بالعديد من عمليات التصفية التي شهدها الجنوب اليمني، حمّلت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا السلطات الإماراتية مسؤولية الاغتيالات التي وقعت مؤخراً في صفوف مجلس الحراك الثوري الجنوبي في عدن، والتي كان آخرها تصفية عضو المجلس عبد الله حسين القحيم الاثنين.
عوداً على بدء، لا ندري ما هي الذريعة التي يمكن أن تقدّمها الإمارات، فلا يمكنها الادعاء بوجود أنصار الله هناك، ولا يمكنها التلطّي تحت عباءة القاعدة، كما هو الحال في محافظة المهرة التي تسعى من خلالها للدخول إلى سلطنة عمان وجعل هذه المحافظة خاصرة رخوة للسلطان قابوس الذي تربطه علاقات قويّة مع المحافظة الشرقية في اليمن، فما الذي تريده الإمارات من إرسال قوات عسكرية لجزيرة لا تشهد أي حرب أو تهديد أمني؟
كثيرة هي الأسباب التي تفسّر هذا التحرّك الإماراتي نحو جزيرة سقطرى اليمنية، نذكر منها التالي:
أوّلاً: إن الموقع الاستراتيجي لجزيرة سقطرى جعلها تتربع على رأس أطماع ولي العهد الإماراتي الأمير محمد بن زايد.
لم تهتم الإمارات منذ اليوم الأول للعدوان على اليمن بما يحصل في الشمال، بل حاولت تقسيم الإمارات، والسيطرة على ميناء عدن الاستراتيجي لتعطيله، كما كان الحال قبل العام 2011.
لا ينفصل هذا التحرّك عن سياسة الإمارات في لعب دور يفوق حجمها الجيوسياسي، بدءاً من اليمن، مروراً بمصر والسودان، ووصولاً إلى ليبيا.
ثانياً: هناك أطماع اقتصادية كبرى للإمارات في هذه الجزيرة حيث تتطلع لبناء ميناء استراتيجي في هذه الجزيرة، ولاسيّما في ظل الميناء الذي تعمل الصين على بنائه في باكستان ويعدّ منافساً قوياً لميناء جبل علي.
لا ننسى أن الإمارات قد تعرّضت لانتكاسة قويّة في القرن الإفريقي بعد طردها من جيبوتي والصومال. اليوم، يعدّ هذا الميناء أحد البدائل القويّة.
ثالثاً: النفط أيضاً يعدّ أحد الأطماع الاقتصادية الأخرى، فقد تحدّثت مصادر عن وصول خبراء أجانب في مجال الاستكشافات النفطية والمعدنية على متن سفينة إماراتية قادمة من أبوظبي – عاصمة دولة الإمارات – دون التنسيق مع السلطة المحلية.
تكشف خريطة القطاعات النفطية الصادرة عام 2013م عن هيئة الإنتاج والاستكشافات النفطية أن مساحة القطاعات النفطية البحرية لجزيرة سقطرى(200,000) كيلو متر مربع بينما مساحة الجزيرة (3,796) كيلو متر مربع، يعني 52 ضعف مساحة سقطرى !
رابعاً: هناك أطامع أخرى للإمارات في جزيرة سقطرى، فقد عمدت أبو ظبي إلى سرقة الأشجار المعمّرة والنادرة من جزيرة سقطرى اليمنية وقبلها قامت بسرقة كميات كبيرة من أحجار الشعاب المرجانية والطيور النادرة وغير ذلك .
فقد أثار ظهور شجرة دم الأخوين”، التي تعتبر من أهم ما يميز جزيرة أرخبيل سقطرى، في شوارع مدينة دبي غضباً واستهجاناً يمنياً، اليوم هناك شركات إماراتية تعمل في مجال الاصطياد البحري وأُخرى في مجال السياحة والآثار، تعمل في جميع مناطق جزر أرخبيل سقطرى، دون اأي تنسيق مع السلطة المحلية. ي
ذكر أن متحف اللوفر في نسخته الإماراتية قد تضمّن آثاراً مسروقة من العديد من الدول العربية، في مقدّمتها العراق وسوريا.
هناك الكثير من سكان الجنوب اليمني قد يختلفون سياسياً مع حركة أنصار الله، إلا انهم اليوم يحسدون أشقاءهم في الشمال على نعمة الأمن والاستقرار في تلك المناطق، وأما بالنسبة للرئيس المستقيل والمعزول هادي فالوضع صعب جداً كون استمرار الوضع على هذا الحال، سيجعله رئيساً برتبة سفير في الرياض، لا تتعدى صلاحيته جدران السفارة في الرياض، تارة من الإمارات وأخرى من السعوديّة.
اليوم، بات سكان الجنوب، وقبل أنصار الله، أكثر عداءً للإمارات كونها المسؤول الأول عن الكثير من الدماء التي سقطت هناك، هي أيضاً مسؤولة عن تردي الوضع الاقتصادي والأمني لتنفيذ مشروعها، فهل سنكون أمام ثورة جديدة ضدّ مرتزقة ابن زايد في الجنوب اليمني؟.