الدريهمي مأساة الإنسانية ونفاق الضمير العالمي
تقرير /أمين النهمي
سقطت كل القيم الإنسانية المزيفة التي تدعيها الأمم المتحدة ومنظماتها الإنسانية, ومن يدور في فلكها من دول العالم المنافق, وتعرت تلك الوجوه القبيحة والزائفة أمام ما يحصل في اليمن من جرائم إبادة وحشية ممنهجة وحصار جائر.
ففي الوقت الذي أعلنت فيه الأمم المتحدة عن نحو 10 ملايين من اليمنيين أصبحوا على بعد خطوة من المجاعة؛ وتفشي وباء الكوليرا الذي بات تهدد حياة كل اليمنيين؛ وأنها تبذل قصارى جهدها مع الشركاء لمساعدتهم؛ تعيش مديرية الدريهمي مأساة إنسانية لا حدود لوصفها وحصارا مطبقا واستهدافا ممنهجا بصورة وحشية في ظل صمت مخز تنتهجه الأمم المتحدة دون تحريك أي ساكن؛ الأمر الذي يؤكد تواطؤها ومشاركتها في الحصار والمعاناة التي تعيشها هذه المديرية منذ أشهر, وهو ما يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن هذه القوانين الدولية وميثاق الأمم ومنظمة الأمم المتحدة على اليمن وغيرها من المنظمات الدولية, مجرد أدوات قمع وإرهاب لشعوب العالم والأنظمة والدول من خلالها تخوض دول الاستكبار حروبها باحتلال الدول وقهر الشعوب ونهب الثروات.
أكثر من 7000 مواطن محاصرون في مديرية الدريهمي تزداد معاناتهم بصورة مأساوية غاب فيها ضمير العالم المنافق, حيث يواصل تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي، بغطاء من الأمم المتحدة، حصاره الخانق على مدينة الدريهمي بمحافظة الحديدة منذ حوالي 9 أشهر مانعا عن عشرات الآلاف من سكانها كل مقومات الحياة من غذاء ودواء, ما أدى أمس الاول إلى وفاة خمس نساء ورجل مسن من أبناء الدريهمي المحاصرة، بعد تدهور أوضاعهم الصحية، نتيجة عدم توفر الأدوية والمواد الغذائية التي منع الغزاة دخولها إلى المدينة المحاصرة, فيما عشرات المرضى من أبناء مدينة الدريهمي، لم يتمكنوا منذ عدة أشهر من الخروج لتلقي العلاج في أقرب المراكز الصحية خارج مديرية الدريهمي، وذلك بسبب الاستهداف المستمر من قبل العدوان لحركة السير من وإلى المدينة.
أكثر من 9 أشهر مضت على استمرار الكارثة الإنسانية التي تحيط بمدينة الدريهمي المحاصرة في الحديدة والتي تحولت إلى سجن كبير بسبب الحصار اللاإنساني الظالم وإغلاق منافدها, من قبل قوى الغزو والاحتلال ومرتزقتهم ، وسط صمت دولي مخز, وتعنت قوى العدوان على إدخال القوافل والمساعدات الإنسانية للأهالي في مدينة الدريهمي.
نفاق عالمي
الناطق الرسمي لحكومة الإنقاذ الأستاذ ضيف الله الشامي أشار إلى أن النفاق العالمي وبرعاية الأمم المتحدة يتغنى بالجانب الإنساني في الحديدة, بينما يقف مغمض العينين، أصم الأذنين عن مأساة تتشكل كل يوم في مديرية الدريهمي, مؤكدا أن حصار الدريهمي جريمة إنسانية بما تعنيه الكلمة، وصمت الأمم المتحدة عن ذلك جريمة أخلاقية تزيدها سوءا فوق سوءاتها المتتالية.
فيما أوضح محافظ الحديدة محمد عياش قحيم في رسالة هي الثانية وجهها لرئيس بعثة الأمم المتحدة مايكل لوليسغارد أن مديرية الدريهمي لازالت تعاني من وضع إنساني وتنتقل من سيئ الى أسوأ كلما طال أمد هذا الحصار, مشيرا إلى وفاة أربعة أشخاص، رجل وثلاث نساء خلال الثلاثة الايام الماضية نتيجة إصابتهم بقذائف العدوان وعدم القدرة على إسعافهم ونقلهم إلى المستشفيات خارج المديرية بسبب الحصار المفروض والمستمر منذ ثمانية أشهر وعدم قيام الأمم المتحدة بدورها الإنساني لإيصال المساعدات أو السماح بخروج أبناء المدينة المحاصرين لتلقي العلاج.
ولفت قحيم إلى الدور السلبي للأمم المتحدة تجاه المناشدات الإنسانية لتخفيف المأساة عن المواطنين, منوها إلى قيام السلطة المحلية بالمحافظة وبعض الخيرين بتجهيز قافلة مساعدات وإيصالها إلى مبنى الأمم المتحدة لتقوم بدورها بالتنسيق لإدخالها لكن دون جدوى وفوجئنا بردهم السلبي وتجاهلهم لهذه المعاناة والكارثة الإنسانية, معتبرًا أن حصار أكثر من سبعة آلاف مواطن لمدة تزيد عن 180 يوما هو أطول عقاب جماعي في تأريخ المنطقة ويكشف وحشية القائمين عليه وانعدام انسانيتهم .وقال “في مناطق مختلفة من العالم يعيش المجتمع الدولي هيجانًا بسبب محاصرة مسلحين مقابل التزامه الصمت حيال الدريهمي” متسائلا “هل فكر المجتمع الدولي والعالم في ارسال لجنة تقصًّ أو مساعدات كما يحدث مع كل العالم” وشدد قحيم على ضرورة تجرد المجتمع الدولي من ازدواجيته، واتخاذ موقف جريء حيال ما يحدث في الدريهمي، مشيرا إلى ان هذا الحصار عرى الدعاوى باحترام حقوق الإنسان.
السلطة المحلية في المحافظة نددت باستمرار حصار مدينة الدريهمي وعدم تحييد الطيران الحربي لإيصال المساعدات الغذائية والدوائية للمحاصرين بالمدينة، وكذا استمرار تحليق الطيران وقصف عدد من مديريات المحافظة والذي يؤدي لإزهاق المزيد من الأرواح إلى جانب إعادة تموضع قوى العدوان والمرتزقة .
ولفتت السلطة المحلية في بيان صادر عنها إلى أن خروقات العدوان تؤكد عدم التزام دول التحالف باتفاق السويد المعلن عنه والمماطلة في تنفيذ إعادة الانتشار وسعيها لإزهاق المزيد من أرواح المدنيين, مشيرة إلى أن استمرار دول العدوان في استهداف المواطنين، يؤكد عدم احترامها لقرارات المجتمع الدولي وعدم رغبتها في إحلال السلام.
وحملت الهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية ومواجهة الكوارث في الحديدة في بيانها قوى العدوان مسؤولية استمرار الانتهاكات بالدريهمي, داعية الأمم المتحدة إلى تحمل مسؤوليتها والقيام بدورها في التنديد بالجرائم والانتهاكات في الدريهمي وإيصال كافة المساعدات.
من جهتها منظمات المجتمع المدني أدانت بأشد العبارات استمرار الحصار الذي يمنع الناس من الوصول إلى ما يلبي حاجياتهم الحيوية، والذي يعتبر من أفدح خروقات القانون الدولي وإساءة للقيم الإنسانية ، مؤكدة أن جريمة حصار المدن وفقاً للقانون الدولي الإنساني تعتبر جريمة إبادة جماعية، لما تتركه هذه الجريمة من آثار واسعة على سكان مناطق بأسرها، بقصد إلحاق أضرار مادية ومعنوية بهم، وإخضاعهم عمداً لأحوال معيشية يُقصد بها إهلاكهم الفعلي كلياً أو جزئياً. إن هذه الجريمة، وبما تحمله من انتهاكات واسعة على حياة عدد كبير من السكان، تفوق في خطورتها جريمة استخدام الأسلحة الكيميائية والأسلحة الحارقة، كما أن هذه الجريمة تتصف بخطورتها من ناحية بطء الآثار المميتة لها.
بدورها وزارة الصحة العامة والسكان أعلنت وفاة أربعة مرضى من ابناء الدريهمي نتيجة الحصار, ناعية معها الضمير العالمي الصامت.
وقالت وزارة الصحة العامة والسكان في بيان لها أن هذه الجريمة التي لا تقل قبحا ووحشية عن القتل المباشر للطيران خاصة وجرائم الحصار الغاشم تؤدي الى الموت ببطء سواء بانعدام الغذاء او انعدام الدواء والرعاية الصحية المناسبة كما هو الحال في هذه الحالات التي توفت اليوم بعد صراع طويل مع المرض وانعدام الدواء الخاص بهم ، ونحمل النظام السعودي والإماراتي وكل من تحالف معهما وساندهما وأيدهما وأرسل اليهما السلاح وأيدهما في المحافل الدولية كبريطانيا وأمريكا كل المسؤولية القانونية والإنسانية عن هذه الجريمة وأننا نمتلك الحق في ملاحقتهم جميعاً في المحاكم الجنائية المحلية و الدولية طال الوقت أو قصر .
كما استغربت وزارة الصحة من السلبية المفرطة التي تتعامل بها الأمم المتحدة ومبعوثها الى اليمن ورؤساء لجان التهدئة في الساحل الغربي امام جريمة حصار الدريهمي الذي طال منذ اكثر من 9 اشهر وطالبناهم في اكثر من مرة إرسال المساعدات الغذائية والدوائية او رفع الحصار ولكن لم نجد أي تحرك تجاه هذه الكارثة الإنسانية ولم تلتفت إلى تحذيراتنا بحدوث كارثة فحصلت اليوم هذه الكارثة امام مرأى الجميع .
من جانبه المكتب السياسي لأنصار الله جدد في بيان ادانته للحصار الذي تتعرض له منطقة الدريهمي بمحافظة الحديدة, مبديا أسفه للصمت المخزي الذي تنتهجه الأمم المتحدة تجاه المأساة الإنسانية في الدريهمي, مؤكدا أن الصمت عن حصار الدريهمي يكشف للشعب اليمني وللعالم زيف الشعارات التي ترفعها الأمم المتحدة والمنظمات الانسانية الدولية التي تعمل باسم الانسانية وحقوق الانسان.
وقال المكتب السياسي لأنصار الله: إن الاوضاع في الدريهمي وصلت ببعضهم إلى الموت بسبب الجوع والمرض في ظل الحصار المطبق, مطالبا المنظمات الانسانية المحلية والعربية والدولية بالتحرك الانساني للضغط على دول العدوان ومرتزقتهم لرفع هذا الحصار.
فيما نظمت بمحافظة الحديدة وقفات احتجاجية عقب صلاة الجمعة الأولى في رمضان تنديدا باستمرار قوى العدوان في حصار مدينة الدريهمي, واستنكر فيها المشاركون في الوقفات استمرار تحالف العدوان في ارتكاب الجرائم بحق أبناء مديرية الدريهمي وما يفرضه من حصار على المدينة؛ ما أدى إلى وفاة الكثير من النساء والأطفال والمسنين بسبب الجوع وعدم إدخال الأدوية, كما نددوا بالصمت المطبق للأمم المتحدة، والذي يعد مشاركة في قتل الأطفال والنساء, محملين الأمم المتحدة والإدارة الأمريكية مسؤولية الجرائم التي ترتكب بحق أبناء الدريهمي.
ختاما ً وعلى الرغم من العدوان الغاشم والحصار الجائر، فقد أنعم الله على الشعب اليمني بالهدى والبصيرة واستطاع هذا الشعب العظيم أن يدرك جيدا حقيقة الصراع وطبيعة المعركة التي يخوضها اليوم مع قوى الاستكبار العالمي التي تعد العدو الحقيقي للإنسانية والشعوب كلها، وبالتالي سيكون اليمن بشعبه العظيم والكريم و الشجاع في قلب هذا الصراع, وتلك المعركة العالمية، هو صانع الأحداث والمتغيرات الكبرى في المنطقة والعالم، فهو منذ الأزل الرقم الصعب في معادلة القوى المؤثرة على واقع الحياة بما يملك من قيم ايمانية، وإرث حضاري وتراكم معرفي وسجل حافل بالمكارم والانتصارات على مر التاريخ.