وصف مراقبون أن ما ورد في الكلمة التي نشرتها وسائل الإعلام التابعة للتحالف باسم الرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي المقيم في الرياض بمناسبة شهر رمضان، والتي تضمنت الحديث عن قضية أسرى الحرب وسعي “الشرعية” لحل هذا الملف، وصفها المراقبون أنها كانت مستفزة لمشاعر اليمنيين كافة بما فيهم أهالي المعتقلين والشخصيات الاجتماعية من الوسطاء المتابعين لهذا الملف والساعين لحله.
| ماذا قال هادي عن الأسرى؟ |
استفزاز هادي لليمنيين تمثل فيما جاء في كلمته التي نشرتها وكالة سبأ المستنسخة والتي تعمل من الرياض، والتي قال فيها “كنا نتمنى على الأقل، ولقد حرصنا على ذلك اشد الحرص، أن يتم تنفيذ اتفاق السويد تطبيقا شاملا وفي مقدمته إطلاق سراح الأسرى وخصوصا المختطفين في سجون الميليشيات الحوثية، الذين يعانون أسوأ المعاناة وتمارس بحقهم جرائم ضد الإنسانية دون أي مراعاة لأواصر العروبة والدين والقربى والوطن”.
وأضاف هادي “لقد ظلت قضية الأسرى والمختطفين في سجون الميليشيات الحوثية في مقدمة اهتمام السلطة الشرعية لما لها من أبعاد إنسانية لكن الانقلابيين رفضوا دائما كل المقترحات ووضعوا العراقيل أمام اتفاق السويد مؤكدين بذلك أنهم مجموعة من الوحوش السلالية التي تجردت من قيم الإسلام وأخلاق النبي العظيم محمد صلى الله عليه وسلم، ولقد ناشدت السيد الأمين العام للأمم المتحدة في رسالة خاصة الأسبوع الماضي ليقوم بدعوة الميليشيات الحوثية والضغط عليهم للقبول بتبادل الأسرى والمعتقلين والمختطفين والمخفيين قسرا في معتقلات المليشيات الحوثية وفقا لمبدأ (الكل مقابل الكل) وفقاً لما اتفقنا عليه في السويد”، على الرغم من أن مبدأ “الكل مقابل الكل” أطلقه وطالب به طرف صنعاء المفاوض في السويد في ديسمبر الماضي، مقابل طلب طرف الرياض حينها الذي أراد الإفراج عن بعض الشخصيات فقط وليس الكل، واليوم يستخدم هادي هذا المبدأ للمزايدة وكأنه صاحب المقترح، حسب مراقبين.
ودعا هادي – بمناسبة قدوم شهر رمضان – إلى “إطلاق فوري وكامل للأسرى والمعتقلين حتى يتمكنوا من قضاء هذا الشهر مع عائلاتهم”.
| مصدر قبلي رفيع في مأرب مرتبط بالشرعية يتحدث
أكثر من استفزهم هادي بهذا الكلام هم الوسطاء من الشخصيات الاجتماعية والقبلية التي تتحرك ذاتياً بدافع إنساني لمحاولة التقريب بين الطرفين للوصول إلى تنفيذ عملية تبادل للأسرى حتى وإن كانت جزئية وتشمل عدداً قليلاً، والسبب في هذا الاستفزاز هو اطلاع هذه الشخصيات على تفاصيل دقيقة تتعلق بمدى رغبة كل طرف وتحركه الجاد في هذا الملف وتجاوبه مع هذه الوساطات، كان هذا خلاصة ما فُهم من شيخ قبلي رفيع في محافظة مأرب الخاضعة لسيطرة التحالف تحدث لـ”المساء برس” بشأن ملف الأسرى وتحركات بعض الشخصيات الاجتماعية والقبلية بهذا الشأن للتواصل مع طرف صنعاء وطرف الرياض.
ويؤكد المصدر الذي رفض كشف هويته إن المعنيين بملف الأسرى في صنعاء متجاوبون بشكل كبير جداً مع أي وساطات قبلية للإفراج عن الأسرى أو جزء منهم، ويضيف “وللأسف فإن العرقلة والتجاهل لا يصدر إلا من عند اصحابنا وهم معذورين فهم في الحقيقة ليس بيدهم شيء ويبدو أن القرار في هذا الملف هو ما يأتي من الرياض”.
وعن مطالبة هادي للإفراج عن الأسرى والمعتقلين، قال المصدر القبلي “للأسف الرئيس هادي استفزنا بهذا الحديث ونحن نعتبره استخفافاً بهذا الملف وبحقنا كشخصيات اعتبارية لها مكانتها في المجتمع والقبيلة اليمنية لأننا نعرف من هو الطرف المعرقل، وكان الأحرى بالرئيس هادي أن يتجاهل الحديث عن ملف الأسرى لا أن يستفزنا ويستخف بجهودنا من خلال الكذب والتضليل”.
| من المستفيد من تبادل الأسرى؟ |
وكشف المصدر القبلي عن أن طرف الرياض يتخوف من مسألة الإفراج عن الأسرى والمعتقلين “بسبب وجود قناعة لديهم أن الأسرى التابعين لأنصار الله الذين سيتم الإفراج عنهم سيعودون من جديد إلى جبهات القتال، هذه نقطة، والنقطة الثانية هي أن الرياض تدرك أنها لن تستفيد أي شيء من عملية الإفراج عن الأسرى وربما إنها تتخوف من أن يكون الأسرى الموجودين لدى الحوثيين قد تغيرت قناعاتهم عن التحالف والشرعية ولا يستبعد أن يكونوا قد أصبحوا مؤيدين للحوثيين”، كما يؤكد المصدر القبلي أن هناك قناعات لدى “الشرعية” بأن ما يُقال عن معاملة سلطات صنعاء للأسرى التابعين لخصومهم والانتهاكات بحقهم هي غير صحيحة ومجرد مزايدات تستخدم كوسيلة حرب فقط “ولهذا فهم مطمئنون لوضع الأسرى الخاصين بهم في سجون صنعاء”، ويضيف “والأكثر من ذلك أن القرار ليس في مأرب ولا عدن بشأن الأسرى كما أن الأسرى ليسوا بيد الشرعية جميعهم، وقناعتي الشخصية هي أن الأسرى بالنسبة للتحالف هم مجرد ورقة ضغط على صنعاء”.
| مبادرة لجنة الأسرى والمعتقلين بصنعاء |
مطلع مايو الجاري دعا رئيس لجنة الأسرى والمعتقلين في العاصمة صنعاء عبدالقادر المرتضى، طرف التحالف والشرعية إلى القبول بتنفيذ عملية تبادل للأسرى، بحيث يتم الإفراج عن 1000 أسير من الجانبين كحد أدنى.
وأشار المرتضى في دعوته التي نشرها على حسابه الرسمي في “الفيس بوك”، إلى أن هذه الدعوة تأتي بمناسبة شهر رمضان أولاً ولكون هذا الملف هو إنساني ولا يحتمل المناكفات والغرق في الخلافات الجزئية ثانياً، حسب وصفه، وقال إن “تنفيذ مثل هذا يتطلب إرادة قوية وإحساس بروح المسؤلية تجاه معاناة الأسرى من الجميع.. فالكل يعلم بأن أي عملية تبادل لا تمثل خسارة لأحد، بقدر ما تمثل خطوة إيجابية لبناء الثقة وإثبات لحسن النوايا”.
| مبادرة عدة مشائخ وشخصيات اجتماعية |
مساء الجمعة الماضية اجتمع عدد من المشائخ على رأسهم الشيخ محمد المطري برئيس لجنة شؤون الأسرى، المرتضى، ونائبه مراد أبو حسين الرازحي، وتم الاتفاق الذي استمر النقاش فيه عدة ساعات على موافقة مبدئية لمقترح المشائخ ووعدت اللجنة بالرد على المقترح خلال اليومين القادمين، وبعد يومين تحديداً أعلن عبدالقادر المرتضى ونشر هذا الإعلان على حسابه الرسمي بموافقة طرف صنعاء على المبادرة القبلية التي تضمنت النقاط الآتية:
“يقوم كل طرف خلال الأسبوع الأول من رمضان بتجهيز كشف بعدد (٥٠٠) من الأسرى والمعتقلين الذي عنده بشرط أن تكون ضمن الأسماء التي طرحت في كشوفات السويد .
٢- في بداية الأسبوع الثاني يقوم الأطراف بتجميع الأسرى والمعتقلين المختارين في مكان مناسب تمهيدا لعملية التبادل ونشر الكشوفات علنيا..
٣- يقوم الوسطاء المحليين بالتوزيع لفريقين أو بحسب ما تتطلبه الحاجة لإستلام الأسرى والمعتقلين والقيام بعملية التبادل.”.
| رداً على ادعاءات طرف الرياض |
تتهم “الشرعية” والرياض، طرف صنعاء بتعمد الإساءة وممارسة جرائم ضد الإنسانية بحق الأسرى التابعين لـ”الشرعية والتحالف”، ورغم إدراك الجميع بأن الشرعية والتحالف لا يهمهم أمر الأسرى سواءً التابعين لهم أو التابعين لصنعاء، إلا أن هادي طالب في كلمته بالإفراج عن الأسرى والمعتقلين التابعين للشرعية فقط حيث قال “وخصوصا المختطفين في سجون الميليشيات الحوثية، الذين يعانون أسوأ المعاناة وتمارس بحقهم جرائم ضد الإنسانية دون أي مراعاة لأواصر العروبة والدين والقربى والوطن”.
قبل خطاب هادي، كان رئيس لجنة شؤون الأسرى والمعتقلين بصنعاء قد أعلن عن اقتراح بتشكيل لجنة من “مشائخ اليمن والشخصيات الاجتماعية وإشراك الصليب الأحمر الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بالأمم المتحدة للقيام بزيارة جميع السجون لدى الطرفين والاطلاع على أوضاع السجناء والأسرى ونشر نتائج زيارتهم للرأي العام”.
وقال المرتضى “قوى العدوان ومرتزقتهم يمارسون في سجونهم كل الإنتهاكات بحق الأسرى والمعتقلين وينكروا وجود الكثير منهم، ثم يتهمونا بذالك (…) فهل لدى قوى العدوان والمرتزقة التابعين لهم الجرأة على الموافقة على هذا المقترح ليثبتوا للجميع أن مانقوله عنهم غير صحيح..؟؟!!”، وحتى اللحظة لم يصدر أي رد رسمي أو غير رسمي من قبل طرف الرياض والشرعية على هذا المقترح.