تمرّد في صفوف القوات السودانية: الإمارات تتجه لتجنيد الأفارقة

تشهد سواحل اليمن، منذ أيام، ازدياداً في وتيرة تدفق المهاجرين الإثيوبيين والصوماليين، بتسهيل من القوات الإماراتية، التي تفيد عدة معطيات بأنها تعمل على تجنيد هؤلاء للقتال على جبهات الساحل الغربي. يأتي ذلك في وقت تسود فيه انقسامات صفوف القوات السودانية، التي يبدي المئات من عناصرها رغبتهم في العودة إلى وطنهم

أدى نجاح الحراك الشعبي السوداني في إطاحة الرئيس عمر البشير إلى بروز انقسامات في صفوف القوات السودانية المشاركة في العدوان على اليمن. ووفقاً لمصادر في «المقاومة الجنوبية» في مدينة المخا (محافظة تعز) الخاضعة للسيطرة الإماراتية، أعلن المئات من الجنود السودانيين رغبتهم في التوقف عن القتال والعودة إلى بلادهم. وتفيد المصادر، في حديث إلى «الأخبار»، بأن بعض هؤلاء حاولوا إخلاء مواقعهم العسكرية في ضواحي مدينة الخوخة، إلا أن الإمارات دفعت بتعزيزات عسكرية إلى محيط معسكر القوات السودانية لمنع ذلك، وأصدرت تعميماً إلى جميع النقاط العسكرية الممتدة على طريق المخا ــــ عدن بمنع مرور أي جندي سوداني لا يحمل تصريح مرور من عمليات الساحل الغربي، خشية هروب أعداد كبيرة من تلك القوات. وأبلغت الجنود السودانيين بأن قرار وقف مشاركتهم القتالية بيد حكومتهم وفق اتفاق التعاون بينها وبين «التحالف».

 

اللافت أن الحديث عن انقسامات في صفوف القوات السودانية يترافق مع تصاعد وصول الآلاف من المهاجرين الأفارقة، بتسهيل إماراتي، إلى سواحل اليمن، في وقت تُستَهدف فيه قوارب الصيد اليمنية، في عمليات أضرّت بـ249 قارباً خلال العامين الماضيين، وقتلت 260 صياداً، وأصابت 214 آخرين. وبحسب مصادر محلية في منطقة رأس العارة في محافظة لحج، القريبة من مضيق باب المندب، «لم تعترض القوات الإماراتية البحرية ما يزيد على 15 ألف مهاجر إفريقي، معظمهم من الجنسية الإثيوبية، خلال الأسبوعين الماضيين». وتوضح المصادر أن «اللاجئين الأفارقة قَدِموا عبر باب المندب من شمال جيبوتي، مستقلّين زوارق تابعة لمهرّبي البشر الذين أوصلوهم إلى جزيرة ميون وجبل الشيخ سعيد، ومن ثم نُقلوا عبر زوارق صغيرة إلى سواحل رأس العارة في طور الباحة، وسواحل بئر العميرة في مدينة عدن»، مبيّنة أن «معظم هؤلاء اللاجئين من الذكور، وفي سنّ الشباب، وكانوا يحملون حقائب من نوع واحد»، لافتة إلى أن «اهتمام القوات الموالية للإمارات بهم أثار الشكوك والمخاوف من مغبة إقدامها على تحويلهم إلى ميليشيات مسلحة للقتال في صفوف التحالف».

 

عدد المهاجرين الأفارقة بلغ قرابة 36 ألفاً خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري

 

في هذا الإطار، ترجح مصادر عسكرية في العاصمة صنعاء، لـ«الأخبار»، أن يكون الهدف من تسهيل تدفق المهاجرين الأفارقة تجنيدهم كمرتزقة في معارك الساحل الغربي، الذي يتشابه من حيث التضاريس مع مناطق إثيوبيا والصومال، فضلاً عن رخص تكلفة استغلالهم، فيما يلفت نائب وزير الإعلام في حكومة الإنقاذ، فهمي اليوسفي، إلى أن «السعودية والإمارات تستقبلان منذ أسابيع مرتزقة من دول القرن الإفريقي للمشاركة في العدوان على اليمن، بالتنسيق مع عدد من الأنظمة الإفريقية»، معتبراً في تصريح إلى «الأخبار» أن «تحالف العدوان يكرر السيناريو نفسه الذي نُفذ في ليبيا والعراق وسوريا بالدفع بمرتزقة أجانب». كذلك، تؤكد «حركة شباب أبين الثورية»، المناهضة للإمارات، وصول الآلاف من المهاجرين الأفارقة إلى سواحل أبين، ونقل قوات موالية لأبو ظبي أعداداً كبيرة منهم، من شقرة إلى مناطق واقعة ما بين محافظتَي شبوة وأبين، محذرة من مغبّة استغلالهم في العمليات العسكرية الدائرة في الساحل الغربي، داعية أبناء المحافظة إلى التصدي للمساعي الإماراتية لتحويل أراضيهم إلى ساحات تدريب لميليشيات مسلحة، سيكون لها أثر سلبي على أمن المحافظة والجنوب، وستعرّض أيضاً للخطر حياة الآلاف من المهاجرين الأفارقة الذين يتخذون اليمن محطة «ترانزيت» للمرور إلى السعودية بحثاً عن عمل.

من جهتها، وفي إطار التنازع بينها وبين الإمارات، تتخذ سلطات الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، من قضية تدفق المهاجرين وسيلة لتوجيه ضربات إلى جهود أبو ظبي. وانطلاقاً من ذلك، وجّهت وزارة الداخلية في حكومة هادي باعتقال المئات من اللاجئين الأفارقة من شوارع عدن الأسبوع الماضي، معتبرة وجودهم بهذه الكثافة «تهديداً لأمن عدن». وبفعل هذا التوجيه، اعتُقل 5000 لاجئ إفريقي، وأُودِع عدد كبير منهم في «أحواش» مغلقة، فيما وُضع الباقون في ميدان المنصورة الرياضي من دون تقديم المأكل والمشرب إليهم، وهو ما استثار انتقادات من قِبَل «منظمة الهجرة العالمية»، لتردّ عليها الجهات الأمنية التابعة لهادي بمحاولة تمويه الأسباب الحقيقية لاحتجاز اللاجئين، عبر إرجاع الأمر إلى احتمال استغلالهم من قِبَل «أنصار الله». لكن الإجراءات التي اتخذتها ما تسمى «الشرعية» لم تفلح في منع هروب قرابة 3000 لاجئ إفريقي من ملعب المنصورة أواخر الأسبوع الماضي، بمساعدة ميليشيات «الحزام الأمني» الموالية للإمارات. ووفقاً لمصادر مطلعة، فقد نُقل المئات من هؤلاء باتجاه باب المندب، ولم تُعد «منظمة الهجرة الدولية» سوى 110 منهم، فيما لا يزال الغموض يكتنف مصير المئات. وفي أعقاب تلك الحادثة، طالبت حكومة هادي، على لسان وزير الإدارة المحلية فيها عبد الرقيب فتح، الأمم المتحدة، بسرعة التدخل لاحتواء تدفق اللاجئين الأفارقة.

يذكر أن عدد المهاجرين الأفارقة إلى اليمن بلغ قرابة 36 ألفاً خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، وفقاً لما يفيد به «الأخبار» مصدر في مكتب «منظمة الهجرة الدولية» في صنعاء، لافتاً إلى أن اليمن استقبل العام الماضي 150 ألف مهاجر إفريقي، عاد طوعاً منهم ثلاثة آلاف إلى بلدانهم.

قد يعجبك ايضا