بعث علماء اليمن برسالة إلى أبناء الشعب السوداني عبروا فيها عن أسفهم لما يلحق بأفراد الجيش السوداني المغرر بهم والذين زج بهم العدوان على اليمن الحرب ظالمة التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
وقالت رسالة عن رابطة علماء اليمن، اليوم السبت، ينشر “المسيرة نت” نصها: بدلا من أن يرتقي عناصر الجيش السوداني شهداء في سبيل الله ودفاعًا عن قضايا الأمة وفي مقدمتها قضية فلسطين فإنهم يسقطون في سبيل الطاغوت.
وخاطبت الشعب السوداني بالقول: نعول عليكم بعد الله كثيرًا ولاسيما بعد الحراك الشعبي الجريء الذي تشهده السودان والسعي الجاد للخروج من تحت عباء الوصاية.
نص الرسالة:
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى إخوتنا وأشقائنا في السودان الشقيق، إلى علمائنا الأجلاء، إلى الأحرار، إلى كل غيور على دينه وأمته ومبادئ الإسلام وقيمه في السودان الشقيق ..
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته وتحياته ومرضاته
تحية لكم من إخوانكم العلماء في الجمهورية اليمنية الذين يشاطرونكم همَّ الأمة الإسلامية على جهة العموم، وما يجري اليوم في السودان الشقيق على جهة الخصوص.
رغم المعاناة العظيمة التي يعيشها إخوانكم وأشقاؤكم من أبناء الشعب اليمني نتيجة العدوان الظالم التي تشنه عصابة الظلم وتحالف الطاغوت بقيادة السعودية وحلفائها وجميع مرتزقتها من شتى بقاع الأرض تنفيذًا للرغبة الأمريكية والصهيونية ودول الاستكبار العالمي والتي زُجَّ إخواننا وأشقاؤنا من أبناء السودان الشقيق فيها على يد من باعوا دينهم بعرض من الدنيا وركنوا إلى الذين ظلموا بعد إذ نهاهم الله عن الركون إليهم طمعًا في المال المدنس الملطخ بدماء المؤمنين المسلمين الأبرياء المسالمين من أبناء الشعب اليمني وتزلفًا وطلبًا لرضى البيت الأبيض عنهم ولو كان في ذلك سخط الله وغضبه ونقمته وعقابه ونسوا أو تناسوا سنن الله في أرضه وأخذه للظالمين وانتقامه منهم وإلحاق الخزي والعار بهم في الدنيا مع ما يدخره لهم يوم القيامة من عذاب أليم لا نقول ذلك تشفيًا بما حصل بولاة الجور والطغيان ومن باعوا دينهم وأبناءهم وأنفسهم للشيطان وارتهنوا لأطماعهم ونزواتهم ونسوا خالقهم ومالكهم وربهم وأطاعوا الشيطان وكانوا في حلفه وعصوا الرحمن وتعرضوا لسخطه وغضبه ونقمته ولكن لأخذ العبرة وتسليط الضوء عليها ولفت الأنظار إليها ولنقف عند قول الحق سبحانه وتعالى {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُون} وقوله: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} وقوله: {فَكُلا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}.
فكل الدماء البريئة التي سفكت والأرواح البريئة التي أزهقت من أبناء الشعب اليمني المؤمن المسلم المسالم، لن تذهب أبدًا دون رد إلهي عظيم على كل من سلك مع الظالمين وأعانهم ومالاهم على ظلمهم { وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} وقد رأينا ولا زلنا نرى ذلك بأم العين، فمن أعان ظالمًا أغري به ولا ظالم إلا سيبلى بأظلم.
إلى الحاكم الدّيان يمضون عن يدٍ وموعدهم للحكم في موقف الحشر، ولا زلنا نعتقد أن:
سِهَامُ اللَّيلِ لا تُخْطِي وَلَكِنْ لها أمدٌ وللأمدِ انقضاءُ
وعلى قدر أسفنا وحزننا على كل ما يلحقنا من ضر وأذى ومحنة وبلاء ممن يفترض منهم أنهم إخوة لنا في الدين واللغة فإننا أيضًا نأسف ونحزن ونتألم لكل ما يلحق بإخوتنا من الجيش السوداني المغرر بهم والذين زج بهم في حرب ظالمة لا ناقة لهم فيها ولا جمل ، وبدل أن يرتقوا شهداء في سبيل الله ودفاعًا عن قضايا الأمة العادلة وفي مقدمتها قضية فلسطين والقدس الشريف فإنهم يسقطون قتلى يوميًا في سبيل الطاغوت وأولياء الشيطان الذين تخلوا مؤخرًا عن أحد كبار مرتزقتهم بعد أن قدم لهم مراسيم الطاعة والولاء فكان وإياهم كمن قال تعالى فيه: { كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ}.
إخوتنا الأعزاء إننا لا نزال نعول عليكم بعد الله كثيرًا ونؤمل فيكم خيرًا ولاسيما بعد الحراك الشعبي الجريء الذي تشهده أرض السودان المباركة والسعي الجاد للخروج من تحت عباء الوصاية الدولية ورفض التبعية لدول الاستكبار وأذنابهم في المنطقة والتي يحاول الأعداء بكل الوسائل أن يجهضوا هذا الحراك وأن يطفئوا لا نقول نار الثورة بل نورها، وأن يستبدلوا العملاء بالعملاء والأدوات بالأدوات من جديد وأن يلووا عنق ثورتكم المباركة ويحرفوا مسارها ويلتفوا عليها كما فعلوا في اليمن وفشلوا أمام الحكمة اليمانية وسيفشلون بإذن الله أمام حكمتكم يا أبناء السودان فالنظامان السعودي والإماراتي يسعيان إلى إجهاض ثورات الشعوب بما يتماشى اليوم مع المشـروع الصهيوني الأمريكي في المنطقة، وإن كان الناس كما جاء في الحديث الشريف (ينقسمون إلى فسطاطين فسطاط إيمان لا نفاق فيه وفسطاط نفاق لا إيمان فيه) وطبعًا لن يكون فسطاط النفاق إلا من تولى اليهود والنصارى وتحالف مع قرن الشر والطغيان ولاسيما بعد أن بين الله تعالى ذلك بقوله: { بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً} وإننا والله لنربأ بكم أن تكونوا إلّا في فسطاط الإيمان وأنصار الإسلام وجند الرحمن، وما يحدث بنا من ضر ويلحق بنا من أذىً من بعض المخدوعين من إخواننا من الجيش السوداني لن يغير ذلك من قناعتنا بعلمكم وحلمكم وعزتكم وشهامتكم وطيبتكم وسماحتكم وإخوتكم ومودتكم ومروأتكم، كيف وأنتم اليوم تخرجون ضد الظلم وأهله وتعلنون رفضكم له وبراءتكم منه وقد وفقكم الله لخلع عرّاب الفتنة ورأس الظلم لديكم وأنتم في الطريق بعون الله لاستكمال ثورتكم وإزالة بقية عروق الظلم وحبائله وأذياله، وإننا في اليمن كبارًا وصغارًا رجالًا ونساءً علماء وسياسيين ومثقفين نشد على أيديكم ونؤكد لكم أن ثورة لا تخرج من عباءة الوصاية الدولية ولا ترفض تدخلاتها ليست ثورة ، وإن الحرية الحقة التي يرضاها الله لكم ولنا جميعًا ولسائر المسلمين لهي تلك التي لا يكون أحد فيها عبدًا إلا لله جل وعلا، وإن من علامات نجاح ثورتكم تفادي الورطة التي أقحم فيها البشير جملة من أبناء السودان الشقيق في حرب ظالمة ضد أبناء الشعب اليمني وسرعة إنقاذهم منها وإرجاعهم إلى وطنهم وإن كنا نعتبر اليمن وطنًا ثانيًا لهم لو أنهم أتونا على حال غير هذا الحال.
وأخيراً نرجو لكم ولثورتكم النجاح وندعو الله أن يمدكم بنصره وتوفيقه وتأييده وأن يحمي السودان وأهله الصالحين من كل شر وأن يدفع عنهم كل مكروه، وأن يجمع كلمة المسلمين ويوحد صفهم ويرفع رايتهم وأن يمكن لهم دينهم الذي ارتضاه لهم وأن يختم لنا جميعًا بالإيمان.