المجلس الطبي الأعلى.. بين إعادة ترتيب البيت والوقوف أمام الأخطاء الطبية
محمد عبدالمؤمن الشامي
لا يكادُ يمرُّ يومٌ من الأيامِ دونَ أن نقرأَ أَو نسمعَ فيه من وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية المختلفة عن الأخطاء الطبية في بلادنا، أصبحت تؤرق المواطنين.. إذ تتكرّر وتتفاقم وتتزايد عدد الوفيات وضحايا الأخطاء الطبية في كُــلّ يوم داخل المستشفيات الحكومية أَو الخاصة، قضايا وشكاوى وبلاغات بالجملة مقدمة من المواطنين حول الأخطاء الطبية ضد المستشفيات الحكومية وَالخاصة أمام المجلس الطبي الأعلى ولكن لم يحرك ساكناً تجاه تلك الأخطاء أَو الوقوف بجدية أمامها بعمق ومسؤولية ووضع المعالجات والحلول لها.
قبل 19 عاماً أنشئ المجلسُ الطبي الأعلى بقرار جمهوري رقم (28) لسنة 2000م، وصدر قرار جمهوري رقم 26 لسنة 2002م يتعلق بمزاولة المهن الطبية وهي من اختصاصات المجلس وبعدها في العام 2009م صدر قرار جمهوري بالإنشاء وتحديد أعضاء المجلس المكون من 16 طبيباً، وإلى غاية اليوم لم يضع القائمون على هذا المجلس المعالجات والحلول ولم يقفوا أمام هذا الأخطاء بكل مسئولية وإنما كان المجلسُ عبرَ عن جباية إيرادات لا غير، اللائحة التنفيذية للمجلس لم تصدر حتى الآن، فكان هناك ضعفٌ ظاهرٌ منذ سنوات عديدة في النهوض وتطوير تشريعات المجلس، وعبث بحياة المواطنين.
الأسبوع الماضي صدر القرارُ الجمهورية رقم 33 لسنة 2019م بشأن تشكيل المجلس الطبي الأعلى بتعيين أعضاء جدد بالمجلس الأعلى من مجموعة من الأطباء، فهل سيقوم هؤلاءِ بالعمل على حماية المواطن اليمني من الأخطاء التي قد تنتج عن مزاولة مهنة الطب بمختلف فروعها المهنية وَالرقابة على أداء الكوادر الطبية وَالصحية وَالحد من الاختلالات في المستشفيات الحكومية وَالخاصة، وَالعمل على متابعة وَمراقبة تنفيذ القوانين المرتبطة بالمهن الطبية واللوائح المنفذة لها؟، هل سيعمل المجلس الجديد على تدارك النواقص التشريعية ذات الدلالات الغامضة في النصوص القانونية للقوانين الطبية، والتي تخاطب بالأساس فئة الأطباء المُجَـرّدة من الجزاء القانوني عن المخالفات المهنية؟، هل سيعمل على إعداد اللائحة التنفيذية للمجلس لم تصد حتى الآن؟.
وفي الأخير، أتمنى للمجلس وجميع أعضائه التوفيقَ في مهامهم القادمة، كما ينبغي عليهم الاستفادةُ من تجارب الدول المتقدمة، فقد قامت العديدُ من الدول المتقدمة بخطوات هامة في سبيلِ حماية المواطن من الأخطاء الطبية التي قد تنتج عن مزاولة مهنة الطب بمختلفِ فروعها المهنية والاستفادة من تجارب الآخرين وصياغة أفكار الخبراء وإيجاد نصوص قانونية تأخذ بخصوصية الوضع والقطاع الطبي في بلادنا، والعمل على إعداد مشروع خاص بالمسؤولية الطبية يقوم على الامتثال للقواعد القانونية، والالتزامات الملقاة على عواتق الأطباء قبل وأثناء وبعد العمل الطبي تجاه المرضى، ويكون ضمانةً لضبط جَودة الممارسة الطبية، وحفظ حقوق المريض والطبيب، والعمل على تطوير مهنة الطب والقطاع الطبي، فكما أن القانونَ يسعى إلى تمكين الطبيب من أداء أعماله بثقة واطمئنانٍ وفقًا للقواعد الطبية المتعارف عليها، فإنه في الوقت ذاته يسعى إلى تأمين سلامة المرضى ضد أي خطأ أَو تقصير قد يضع حياتَهم أَو صحتَهم على المحك.