قنابل القوات السعودية تحصد أرواح المدنيين العزل في اليمن
لم توفر المملكة العربية السعودية بلداً مصنعاً للأسلحة والقنابل والمتفجرات والطائرات الحربية في العالم إلا واستوردت منه لشن هجومها العنيف على اليمن حيث تصدرت المملكة لائحة الدول المستوردة للأسلحة بالعالم عام 2017 بينما كانت الولايات المتحدة أكبر مصدر للأسلحة متقدمة على المملكة المتحدة وفرنسا والصين.
ولم تمنع الانتقادات الكبيرة الموجهة للرياض على خلفية الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان وجرائم الحرب وحوادث قصف المدنيين وفق منظمات حقوقية عدداً من دول الغرب من مواصلة تزويد السعودية بالأسلحة. حيث تقدمت السعودية على الهند كأكبر مستورد للأسلحة في العالم خلال الماضي حسب معهد أبحاث السلام الدولي ومقره ستوكهولم.
وقررت المملكة زيادة كبيرة في حجم إنفاقها العسكري منذ بدء هجومها في اليمن عام 2015 حتى بلغ 69.4 مليار دولار العام الماضي وخلال نفس العام استوردت الرياض أسلحة بقيمة 4 مليارات دولار.
وكانت الولايات المتحدة المصدر الرئيسي للأسلحة التي حصلت عليها الرياض بين عامي 2015 و2017 تليها المملكة المتحدة وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا وسويسرا وكندا.
كما كانت إيطاليا من الدول التي استوردت السعودية منها الأسلحة في حربها الدموية على اليمن، حيث وثقت الناشطة اليمنية رضية المتوكل رئيسة منظمة مواطنة لحقوق الإنسان، واقعة مقتل حسني علي جابر وزوجته الحامل وأطفاله الأربعة، بعد عثورها على حلقة تعليق، كانت تربط قنبلة تم إلقاؤها من إحدى طائرات تحالف السعودية والإمارات على قرية دير الهجاري بمحافظة الحديدة غربي اليمن في 8 أكتوبر 2016.
وتم التأكد حينها من خبراء سلاح إيطاليين أنها لقنبلة جوية موجهة من نوع المصنعة من قبل شركة “MK80 – RWM Italia S.p.A” الإيطالية التي تصدر عدة أنواع من تلك القنابل إلى السعودية
وفق تأكيد جورجيو باريتا، المحلل المختص في تجارة الأسلحة بمؤسسة مرصد الأسلحة وسياسات الأمن والدفاع)، الذي أكد لـ”العربي الجديد” أنه “جرى شحن أكثر من 7 آلاف قنبلة جوية، من جزيرة سردينيا الإيطالية حيث موقع مصنع الشركة، إلى الرياض منذ بداية التدخل العسكري في اليمن في 26 مارس/ آذار من عام 2015.
وبلغت قيمة صادرات السلاح الإيطالية للسعودية 427.5 مليون يورو عام 2016 الذي قتلت فيه عائلة جابر، تراجعت حتى 51.9 مليون يورو عام 2017، وهو الرقم الذي تطابق مع قيمة 12 ترخيصاً لتصنيع أسلحة إيطالية مصدّرة للسعودية في نفس العام بحسب موقع مجلس الشيوخ الإيطالي، بينما كانت قيمة الصادرات 45 مليون يورو، خلال الفترة من يناير/ كانون الثاني وحتى سبتمبر/ كانون الأول من عام 2018 وفق المصدر ذاته.
وتعدّ القنابل المنتج الرئيسي الذي تستورده السعودية من إيطاليا، لكنه ليس السلاح الإيطالي الوحيد المصدّر إلى السعودية، إذ تشارك إيطاليا في صنع الأوروبية التي تستوردها السعودية مقاتلات “EU fighters ” بحسب تأكيد المنسق العام لشبكة نزع السلاح الإيطالية فرانشيكو فيغناركا لموقع العربي الجديد.
وتدخل قنابل (Mark/MK) ضمن قائمة الأسلحة الانفجارية التي تُطلق من الجو والتي رصدت منظمة العفو الدولية استخدامها ضد المدنيين في اليمن وفق تقريرها الصادر عام 2015 بعنوان “تنهمر القنابل علينا من السماء ليل نهار: المدنيون تحت القصف في شمال اليمن” وبحسب التقرير فإن هذه القنابل من طراز (80 ) تم استخدامها بفئاتها المختلفة.
وعثر باحثا في منظمة العفو الدولية على بقاياها في المواقع التي طالتها ضربات التحالف الجوية بقيادة السعودية، وتتضمن تحديداً: القنابل من طراز 82 وتزن 500 رطل وتحمل نحو 192 رطلاً ( 87 كغ تقريباً) من مادة الترايتونال شديدة الانفجار والقنابل من طراز 83 وتزن 1000 رطلٍ وتحمل نحو 445 رطلاً ( 201 كغ تقريباً) من مادة الترايتونال شديدة الانفجار، والقنابل من طراز 84 وتزن 2000 رطلٍ وتحمل نحو 945 رطلاً ( 428 كغ تقريباً) من مادة الترايتونال شديدة الانفجار، وتُعد الأكبر بين فئات طراز MK.
من جهته قال ريكاردو نوري المتحدث باسم منظمة العفو الدولية في إيطاليا أن إيطاليا تشارك في الكارثة الإنسانية اليمنية بسبب تصديرها للسلاح على السعودية حيث علق قائلا : “يجب على إيطاليا التوقف عن المشاركة في تلك الحرب التي راح ضحيتها العديد من المدنيين”.
وقد شن تحالف السعودية والإمارات 132 هجمة بين مارس/ آذار 2015 وحتى مارس 2017 في 13محافظة يمنية، هي “صعدة وحجة والحديدة ومأرب والجوف وصنعاء وعمران وإب وتعز، لحج، عدن، شبوة، والبيضاء”، قتل خلال هذه الهجمات 1630 مدنياً بينهم 418 طفلاً و192 امرأة، وجرح 1872 مدنياً بينهم 308 أطفال و168 امرأة، وفق تقرير منشور على الموقع الرسمي للمنظمة في 24 مارس 2017 حسب ما وثقته منظمة مواطنة.
كذلك ، دعا البرلمان الأوروبي مرتين لفرض قيود على تصدير السلاح للسعودية في 25 فبراير/ شباط 2016،بسبب سقوط الضحايا المدنيين في حرب اليمن بعدما “أدت الغارات الجوية التي يشنها التحالف بقيادة السعودية، والحصار البحري الذي تفرضه على اليمن إلى وفاة الآلاف، وتسبب في زيادة معدلات عدم الاستقرار في اليمن” وفق نص القرار، بينما في 13 سبتمبر/ أيلول 2017 جاء في نصّ قرار البرلمان، أن “تصدير الأسلحة للسعودية وغيرها من الدول المشاركة في الحروب والنزاعات يعدّ انتهاكاً جسيماً لمبادئ حقوق الإنسان، التي ينص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”.
وقد عاد البرلمان وصوّت في نوفمبر الماضي على قرار يدعو لفرض قيود على صادرات الاتحاد الأوروبي من الأسلحة إلى السعودية، وفرض عقوبات على البلدان التي تستخف بقواعد الاتحاد في هذا الشأن، وهو ما لم يتم وفق تأكيد مصادر التحقيق.
كما تقدمت شبكة نزع السلاح الإيطالية، بالتعاون مع منظمة مواطنة لحقوق الإنسان، والمركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان ومؤسسة (أوبال) بشكوى جنائية لمكتب المدعي العام في روما بتاريخ 17 إبريل ضد الهيئة الوطنية لتصدير الأسلحة UAMA ومديري مصنع RWM Italia S.p.A، Italia S.p.A استناداً إلى الغارة الجوية التي وقعت على منزل عائلة جابر في قرية دير الهجاري بمحافظة الحديدة بحسب فرانشيسكو فيغناركا، الذي لفت إلى أن الشكوى لا تزال إلى اليوم قيد التحقيق من طرف مكتب المدّعي العام، وهو ما تؤكده رضية المتوكل، قائلة: “تم إبلاغ المنظمة في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2018 بفتح تحقيق، لكن لم تصل أي نتائج حتى الآن.”
ولم تكتف شبكة نزع السلاح الإيطالية ومنظمة العفو الدولية بالدعوى القانونية، بل أرسلت نداءً إلى البرلمان الإيطالي، تطالبه بتعليق إرسال الأسلحة التي تغذي الصراع والقتل الدائر في اليمن، وجاء فيه “لم يعد بوسعنا أن نغمض أعيننا عن الكارثة الإنسانية التي ترتكب في اليمن بأسلحة إيطالية”، بحسب بيان نشرته الشبكة في 27 مارس/ آذار 2018، لكن ريكاردو نوري يقول إنهم لم يتلقوا رداً من الحكومة الإيطالية، أو من البرلمان الذي تقدموا له بمشروع قرار لوقف بيع الأسلحة الإيطالية للسعودية، مشيراً إلى وجود صراع داخل البرلمان الإيطالي بين الحزبين المتحالفين، أعضاؤه بالمشروع، غير أن نوابا بقيادة وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني ضد هذا المشروع.
بدوره يرى فرانشيكو فيغناركا أن “استمرار تصدير السلاح للسعودية وكل بلد مشارك في حرب اليمن، خرق للقانون الإيطالي 185/1990، الذي يحظر تصدير الأسلحة إلى البلدان المنخرطة في نزاع مسلح، كما أن المملكة تنتهك الحقوق المدنية.
هذا بالإضافة إلى أن ذلك مخالف للأحكام الملزمة للموقف الموحد للاتحاد الأوروبي، بشأن مراقبة صادرات الأسلحة”، وعلى الرغم من إرسال وزيرة الدفاع الإيطالية إليزابيتا ترينتا رسالة إلى وزارة الشؤون الخارجية التصاريح لتصنيع وتصدير الأسلحة لتوضيح وتأكيد ما إذا كان التصدير للسعودية يشكل انتهاكاً للقانون 185، وفق ما قالت على صفحتها على “فيسبوك” في 17 سبتمبر 2018، إلا أنها لم تتلق أي رد من طرف وزير الشؤون الخارجية انزو ماوفيرو، بحسب جورجيو باريتا، الذي قال لـ”العربي الجديد”: “لا يوجد أي جواب رسمي من طرف الحكومة الإيطالية، التي لم تتوقف عن منح التراخيص ولا أوقفت تصدير ما تم ترخيصه سابقاً. وليست عازمة على التوقف”.