“ناشونال إنترست”: على الأمريكيين ترك اليمن قبل أن يقتلوا بسلاح بلدهم
في مقال أعده دوغ باندو في مجلة “ناشونال إنترست” قال فيه إن بيع الولايات المتحدة الأسلحة لحلفائها في الحرب على اليمن تعرض حياة الأمريكيين للخطر.
وتحدث باندو، وهو باحث في معهد “كاتو” عن أن إدارة الرئيس دونالد ترامب جعلت كلاً من السعودية والإمارات العربية المتحدة في مركز استراتيجيتها المضادة لإيران.
ونتيجة لهذا باتت الولايات المتحدة تدعم ملكيتين مطلقتين رغم تعهدها بدعم الديمقراطية. وأضاف أن الرياض ميزت نفسها أخيراً من خلال قتل وتقطيع جثة صحافي معروف في قنصليتها. وأكثر من هذا أثبت السعوديون والإماراتيون أنهم من أكثر قوى الهدم والتدمير في الخليج.
وتدخلوا بشكل كارثي عام 2015 في اليمن الذي يعاني من تناحر داخلي وحولوه إلى جبهة جديدة في الصراع الطائفي الخطير الذي تشهده المنطقة. وأضاف الكاتب أن الوحشية كانت واضحة من خلال قصف المناطق المدنية واستهداف المدنيين بما في ذلك المستشفيات والأسواق والجنازات والشقق السكنية وقتل عشرات الألاف من المدنيين.
وأقامت الإمارات معتقلات واستخدمت التعذيب حضرها ضباط أمريكيون، رغم ما يقال إنهم لم يشاركوا في هذا التصرف. ونشرت منظمة أمنستي قصصا مفصلة عن الإعتقالات التي تمت تحت تهديد السلاح والتعذيب بالصعقات الكهربائية واستخدام الإيهام بالغرق والإذلال الجنسي والحجز الإنفرادي والحجز في ظروف بائسة وغياب الطعام والشراب عن المعتقلين.
وفي الوقت نفسه دعم التحالف الذي تقوده الإمارات العربية المتحدة والسعودية أعداء الولايات المتحدة. فتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية هو من اقوى الفروع التابعة للقاعدة التي أسقطت البرجين في نيويورك.
ومع ذلك قام السعوديون والإماراتيون بتدخلهم بتحويل نظر الحوثيين من التعامل مع أعداء الولايات المتحدة. والفوضى والإرهاب هما أصدقاء الإرهابيين. وأسوأ من هذا يقول التحالف السعودي إنهم يدعمون شكلياً حكومة عبد ربه منصور هادي إلا أنهم قاموا بتجنيد وتسليح الجماعات الجهادية بما فيها القاعدة. فيما تستخدم الرياض وأبو ظبي أعضاء من جماعات الجنجويد السودانية في الحرب ضد الحوثيين. وهذه الجماعات متهمة بجرائم حرب في دار فور.
صفقات سرية
ونشرت وكالة أنباء أسوشيتدبرس العام الماضي تقريراً عن قيام التحالف بعقد صفقات سرية مع مقاتلي القاعدة ودفعت لهم من أجل مغادرة المدن والبلدات الرئيسية وسمحت للآخرين الإنسحاب بأسلحتهم ومعداتهم ورزم من النقود التي سرقوها من البنك الرئيسي في المدينة. وأكثر من هذا قام التحالف الذي تقوده السعودية بتجنيد جماعات القاعدة أو من أعضائها السابقين نظراً لأنهم تميزوا في القتال.
وتعاونت الإمارات مع كتيبة أبو العباس المصنفة في أمريكا كمنظمة إرهابية. وقال أبو العباس “لا يزال التحالف يدعمني” رغم أن كتيبته شنت هجوماً حررت فيه مقاتلين ينتمون إلى تنظيم القاعدة من منشأة محلية. ويقود القيادي السلفي هادي رزوق المقرب من هادي وشوهد أكثر من مرة مع قادة في القاعدة. وذكرت وكالة أنباء “أسوشيتدبرس” إن جماعة رزوق هي واحدة من الجماعات التي تقوم بتجنيد مقاتلي القاعدة في مدينة تعز.
وفي “واحدة من الحالات قام وسيط قبلي بالتوسط بين الإماراتيين والقاعدة وحتى قدم للمتطرفين عشاء وداع”. وقال الكاتب إن العلاقة هذه يجب أن لا تفاجئ أي شخص. فقد أنفقت الرياض مليارات الدولارات لدعم الأصوليين الوهابيين حول العالم بما فيها اليمن. ويرى الكاتب أن الحوثيين يظلون معتدلين مقارنة مع الوهابية مع أنهم معادون للغرب. وأشار الكاتب لتقرير “أمنستي انترناشونال” الذي تحدثت فيه عن حلفاء واشنطن الإسميين والذين يقومون بدعم وبطريقة متهورة الجماعات الراديكالية في اليمن.
وقالت المنظمة الدولية “أصبحت الإمارات العربية المتحدة المسار المهم لنقل العربات المصفحة وقنابل الهاون والبنادق والمسدسات والرشاشات وبطريقة غير قانونية للميليشيات التي لا تخضع للمحاسبة والمتهمة بجرائم حرب وانتهاكات خطيرة أخرى”. ولم يكن الموضوع متعلقاً بنقل الذخيرة وكما اكتشفت أمنستي انترناشونال فقد تم نقل الأسلحة والعربات للجماعات التي تدعمها الإمارات.
وقد خرقت هذه العمليات قوانين نقل السلاح الأمريكية والأوروبية. وقال باتريك ويلكين من أمنستي إنترناشونال “حصلت قوات الإمارات على أسلحة بمليارات الدولارات من الدول الغربية وغيرها لكي تقوم بنقلها للميليشيات في اليمن التي لا تتبع أحداً وترتكب جرائم حرب”.
كما كشف تحقيق لشبكة أنباء “سي أن أن”عن وصول الصواريخ المضادة للدبابات إلى ميليشيات على علاقة مع القاعدة في خرق واضح لقوانين بيع السلاح الأمريكي. وقال الكاتب إن هذا التصرف غير جيد ويضر باليمنيين.
ويعلق الكاتب إن تحويل الأسلحة بطريقة غير شرعية أمر غير جيد لأمريكا. وكما ورد في تقرير أسوسيتدبرس “فقد سمحت التسويات والتحالفات للقاعدة لكي تنجو والإنتظار لمعركة أخرى، وهو ما يزيد من مخاطر تقوية واحدا من أقوى الفروع للقاعدة التي نفذت هجمات 9/11” وتضيف الوكالة إن “المشاركين الرئيسيين في التحالفات قالوا إن أمريكا كانت تعرف بها”.
“دعم الملكيات أهم”
إلا أن إدارة دونالد ترامب ترى أن دعم الملكيات في الحرب ضد إيران أهم من مواجهة القاعدة. ولاحظ مايكل أوهالان، من جيمستاون فاونديشن “صار من الصعب الآن التفريق بين ما هو تابع لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وما ليس تابعاً لها”. وقال “إن كل الحرب على القاعدة التي تقوم بها الإمارات وميليشياتها هي مهزلة”. وبحسب تقرير “سي أن أن” فقد وصل جزء من السلاح الأمريكي إلى الحوثيين. مشيرة إلى ظهور صور قيادي في الجماعة وهو راكب عربة أمريكية الصنع.
بل ووصل السلاح الأمريكي إلى طهران حيث تمت دراسته وتحليله ونسخه وربما استخدمه الحرس الثوري. وأكد الحوثيون وصول العربة المصفحة المضادة للقنابل التي طورت خصيصاً لمواجهة القنابل المزروعة في الطرق.
وقال مسؤول لـ”سي أن أن” إن المخابرات الإيرانية تقوم بدراسة التكنولوجيا العسكرية الأمريكية عن كثب. ويعلق الكاتب بأن هذه “مفارقة” كبيرة للسياسة الغربية التي تبرر عمليات احتواء إيران. ويعلق الكاتب أن التقارير الإخبارية التي نشرت في الإعلام الأمريكي ليست سهلة خاصة أن معظم المصادر التي نقلت عنها تحدثت بشرط عدم الكشف عن هويتها خشية تعرضها للانتقام من الإماراتيين أو حلفائهم في اليمن.
ويعلق الكاتب بأن السعوديين قاموا بتقطيع مواطن سعودي. وهذه اتهامات خطيرة إلا أن الإدارة لا تزال تتجاهلها. وأخبر الجنرال جوزيف فوتيل، قائد القيادة المركزية جلسة استماع في الكونغرس أن الإدارة لم توافق على نقل السلاح إلى جهة ثالثة في اليمن.
وختم الكاتب بالقول إن ترامب تولى عملية بيع السلاح الأمريكي “الجميل” للسعودية والإمارات وكان عليه أن يعبر عن قلقه على وصول هذه الأسلحة إلى جماعات تريد قتل الأمريكيين. وقال: “لا توجد مصلحة لأمريكا في المشاركة في اليمن وخلق أعداء لدى شعب لم يتسبب بالضرر للأمريكيين”.
وكما قال دانيال لاريسون في مجلة “أمريكا كونزيرفتف” فسياسة أمريكا هي منافقة وخطيرة، “في الوقت الذي يعبر فيه المسؤولون الأمريكيون عن غضبهم من وصول شحنات السلاح الإيراني إلى الحوثيين تصل الأسلحة الأمريكية حلفاء تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة”. وفي النهاية يجب على أمريكا التخلي عن هذه الحرب الدموية غير الضرورية قبل أن يموت الأمريكيون بسلاح حكومتهم.