إستمرار الحرب سيخرج زبيد من العالمية!
فؤاد محمد
قيل قديما ان الحفاظ على القمة ..اصعب من الوصول إليها..وهذا ما تواجهه فعليا مدينة زبيد التاريخية ، فما أن أعلنت منظمة الثقافة والعلوم اليونيسكو المعنية بالحفاظ على المدن التاريخية العالمية أن مدينة زبيد التاريخية تم اختيارها ضمن قائمة مدن التراث العالمي حتى بدأت التهديدات بالشطب تشق طريقها نحو هذه المدينة التي لم تهنأ بقرار العالمية.
مدينة زبيد التي اختطها محمد بن زياد مؤسس الدولة الزيادية في العام 204 للهجرة أول مدينة إسلامية في اليمن، وسميت باسم الوادي الذي تقع في منتصفه (زبيد ورماع)، وهي تابعة لمحافظة الحديدة غرب البلاد.
ونظرا لمكانتها العالمية أصدرت منظمة اليونسكو عام 1993 قرارا باعتبار المدينة معلما حضاريا تاريخيا ضمن معالم التراث الإنساني العالمي، وفي مارس/آذار 1998 صنفت ضمن المدن التاريخية العالمية ، ولكن في العام 2000 جاء قرار منظمة اليونسكو بادراج المدينة ضمن قائمة المدن العالمية المهددة بالشطب من قائمة التراث العالمي.
قرار الشطب الذي أصدرته المنظمة جاء بعد التدخلات التي قام بها ابناء المدينة من خلال البناء العشوائي الذي عمد المواطنين إلى القيام به داخل المدينة التاريخية مما ساهم في تشوية المنظر التاريخي للمدينة وعرضها سريعا للخروج من القائمة.
على إثر البناء العشوائي الذي داهم المدينة الأثرية سارعت منظمة اليونيسكو إلى منح الحكومة اليمينة اربع فرص للحفاظ على المدينة عبر تنفيذ مصفوفو إصلاحات تساهم في الحفاظ على الوجة التاريخي والحضاري للمدينة واهم تلك المصروفات ايقاف اي استحداثات للبناء الحضري داخل المدينة.
قرار إيقاف المواطنين من البناء داخل المدينة أو إجراء توسعات لمنازلهم واجة بالرفض وحدثت مواجهات كبيرة بين السلطة المحلية والمواطنين مما استدعى الى تشكيل لجان لمعالجة تلك الخلافات بما يحافظ على المدينة ويمنع عنها البناء العشوائي.
يقول الأستاذ أسامة الحضرمي رئيس جمعية الحصيب للتراث والفنون الشعبية إن المواطنين يتعرضون للابتزاز من قبل الهيئة التي تمنعهم من ترميم منازلهم، وتعتقل من يقوم بذلك مع تغريمه ماليا دون أن تقوم بدورها في حماية المنازل وترميمها كجهة معنية بالحفاظ على المدينة.
وقال الحضرمي أن السكان أصيبوا بخيبة أمل كبيرة بعد تبخر أحلامهم في أن يؤدي إدراج مدينتهم ضمن قائمة التراث إلى تحسين أحوالهم المعيشية والسماح لهم بالبناء، لافتا إلى أن كثير من المشاريع التي ادعت الحكومة تنفيذها تباطئت فيها والبعض منها لم يكن بالمستوى المطلوب.
تزداد المخاوف مع انتهاء المهل الأربع السابقة الممنوحة للحكومة من قبل اليونسكو للحفاظ على المدينة ضمن القائمة ،تلك المهل تنتهي دون اتخاذ إجراءات عملية لحماية المدينة، وهو ما قد يفضي إلى خروج زبيد من قائمة التراث وحرمان أي مدينة يمنية أخرى من الدخول لمدة عشرين عاما.
منسق لجنة الحفاظ على زبيد بوزارة الثقافة عبد الوهاب اليوسفي قال خلال حضورة اجتماعات لجنة الحفاظ على مدينة زبيد أن الحكومة أقرت مخطط المدينة التاريخية، واعتمدته كمرجعية للمدينة، وأشار إلى أنها تسعى لاستكمال إقرار مشروع قانون المحافظة على المدن التاريخية.
منوها الى إن مخططات الحفاظ هي التي تحدد المباني المخالفة وتلك التي تحتاج إلى معالجات، وتحدد الشوارع والساحات العامة والمنتزهات وقد تم اعداد الخطة الإدارية التي تحدد التنمية البشرية وتحسين مستوى دخل الناس.
جهود محلية نفذت للمساهمة في إيقاف اعمال التشوهات التي تطال المدينة من خلال تفعيل نشاط المؤسسات الدولية التي اوجدت مكاتب لها بالمدينة و بدأت العمل حتى ترى منظمة اليونسكو تلك الاعمال والخطوات الحقيقية في المدينة و مدى اهتمام الدولة.
تعاني مدينة زبيد من مجموعة من المخالفات و التشوهات المتراكمة على مايقارب عقدين من الزمن و تضم مدينة زبيد القديمة (4200) منزلا تاريخيا تتراوح اعمارها مابين 200 – 600 عام مثل منزل المرزوقي الذي يتجاوز عمره خمسمائة سنة ومنزل التبريزي الذي يصل عمره إلى اربعمائة سنة ، بالإضافة إلى 85 جامعا و مدرسة إسلامية من بينها أربعة جوامع يصل عمر بعضها إلى 1400 عام كجامع الأشاعر وقد وصلت عدد المخالفات (1200) مخالفة بناء معماري إسمنتي بحسب آخر إحصائية لهيئة المدن التاريخية.
البناء العشوائي الذي تتعرض له مدينة زبيد لم يعد يهددها من الشطب عالميا..بل إن تلك التدخلات التي يقوم بها أبناءها يسهم وبشكل سريع في إخفاء المعالم التاريخية والأثرية والإسلامية والعلمية لهذه المدينة التي عاصرت الأزمنة وكانت خلالها علما من معالم المعرفة والثقافة والعلم..فهل سيقول ابناء زبيد كلمتهم الفصل في الحفاظ عليها ام ننتظر قرار الشطب النهائي.