تركيا في اليمن بضوء أخضر إماراتي والهدف “نقل مقاتلي داعش”
هذه الشكوك بنيت على تسريبات سابقة من أكثر من مصدر خاص بـ”كاتب التقرير” تحدثت عن نوايا إقليمية لنقل مقاتلين متطرفين من سوريا ممن كانوا يقاتلون ضد قوات الجيش السوري، إلى اليمن، وأكدت المصادر أنه جرى نقل مقاتلين من تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في وقت سابق وعلى دفعات إلى عدن في عامي 2017 و2018، وأن من تم نقلهم جرى استخدامهم للقتال ضد قوات حكومة “الإنقاذ” في جبهات عسكرية في كل من تعز والجبهات الحدودية.
مصير الجماعات المسلحة في سوريا بعد التقارب الخليجي السوري
ويبدو أن انتهاء الحرب في سوريا سيقود بالضرورة الدول التي كانت ترعى وتدعم وتمول الجماعات المسلحة التي تقاتل ضد الجيش السوري بمن فيها من مقاتلين أجانب ومتطرفين وإرهابيين وجماعات سلفية متشددة تقاتل بعقيدة طائفية، سيقود هذه الدول ومن بينها تركيا إلى التخلص من هذه الجماعات وتأمين خروجها من سوريا سالمة بدلاً من انتهاءها قتلاً بنيران الجيش السوري.
واحدة من مناطق النزاعات في المنطقة هي اليمن، بل إن هذا البلد هو أكثر المناطق التي تشهد صراعاً عسكرياً في الشرق الأوسط، وبالتالي فإن اليمن بنظر الدول الخليجية وتركيا هي منطقة خصبة لنقل رعاياها من الجماعات المسلحة المتطرفة من سوريا إلى اليمن.
الإمارات وتركيا خصمان لدودان.. لماذا سمحت الأولى بوجود الثانية في اليمن؟
الإمارات التي أعادت فتح سفارتها في دمشق إيذاناً بعودة العلاقات بين البلدين واعترافاً بانتصار الجيش السوري على خصومه من “الخليجيين وتركيا ومن معها من جماعات مسلحة متعددة الجنسيات”، هي ذاتها التي تسيطر على المناطق الجنوبية في اليمن وهي من تقرر من يصل أو يغادر عدن سواءً من مسؤولي “الشرعية” أو غيرهم.
والزيارة التي نفذها نائب وزير الداخلية التركي وفريقه إلى عدن منتصف يناير الماضي لم تكن لتحدث لولا موافقة الإمارات على هذه الزيارة، ومن المعروف أن مطار عدن خاضع للسيطرة الإماراتية عسكرياً وملاحياً ولا يمكن لأي شخص الدخول أو الخروج من وإلى عدن جواً إلى بموافقة الإماراتيين، كما أنه من المعروف أيضاً حجم العداء بين الإمارات والسعودية من جهة وتركيا من جهة مقابلة، وهو ما يدعو للتساؤل: “لماذا سمحت الإمارات بزيارة رسمية تركية إلى عدن الخاضعة لسيطرتها كلياً، للقاء رئيس حكومة هادي التي تعمل أبوظبي ليل نهار لتقويضها ونجحت في ذلك؟”.
صراع نفوذ بين “أبوظبي الرياض” و”أنقرة الدوحة”.. هل اليمن أيضاً ساحة لهذا الصراع أم هدف مشترك بين الجميع
طوال سنوات الحرب في سوريا كانت هناك صراعات شبه يومية فيما بين الجماعات المسلحة التابعة للدول الخليجية وتركيا، حيث كانت الجماعات المسلحة منقسمة في ولائها فبينما كانت هناك جماعات متطرفة تمثل تركيا وقطر كانت في المقابل جماعات أخرى تمثل السعودية والإمارات وكان الجميع تحت الإشراف والإدارة الأمريكية.
واتسم الصراع في سوريا فيما بين حلفاء أمريكا بسعي كل طرف إلى محاولة توسيع نفوذه، فتركيا وقطر كانتا تسعيان لتوسيع نفوذهما في سوريا وبالمثل أيضاً فعلت ذلك السعودية والإمارات واستخدم الطرفان لذلك الجماعات المسلحة التابعة لكل طرف والمسيطرة على الأرض.
الصراع على النفوذ بين تركيا وقطر من جهة والسعودية والإمارات من جهة ثانية لم يقتصر على سوريا فقط، وتسليط الضوء على سوريا كان فقط لضرب المثال الأبرز على صراع النفوذ بين الطرفين، ولكن في الحقيقة فإن الطرفان يصارعان على نفوذهما في المنطقة ككل، وبما أن تركيا هي الخصم الأبرز للإمارات والسعودية فيما يخص النفوذ في المنطقة، فهل من المعقول أن تقبل الإمارات وتفتح أبواب عدن أمام الأتراك؟، وهل يعقل أن تسمح الإمارات وتقبل بمجيء من ينافسها في النفوذ جنوب اليمن؟ لا يوجد عاقل يمكن أن يصدق هذا، إذاً ماذا حدث؟.
اتفاق
سعودي
إماراتي
تركي
قطري
الذي حدث في عدن منتصف الشهر الماضي يمكن القول إنه يكشف عن توافق جزئي ومشترك بين الإمارات التي أعادت علاقتها مع دمشق، وتركيا التي تسعى للسيطرة واستلام المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الأمريكية بعد انسحابها منها، وكي لا تصطدم القوات التركية بالجماعات المسلحة التي لا زالت مسيطرة على بعض المناطق وتمتلك أسلحة، يجب على تركيا أن تبحث عن حل متوافق مع خصومها الإقليميين “الإمارات والسعودية” لإخراج هذه الجماعات المسلحة المتطرفة ومتعددة الجنسيات التي جلبتها كل من تركيا والإمارات والسعودية وقطر إلى سوريا، وبالتالي فإن زيارة وفد تركيا إلى عدن كان متفقاً عليه بين كلاً من “تركيا، قطر، التحالف السعودي الإماراتي، تنظيم الإخوان المسلمين ممثلاً بحزب الإصلاح”.
وأما عن هدف الزيارة فهي تأتي تدشيناً لخطة نقل الجماعات المسلحة المتطرفة ومتعددة الجنسيات من سوريا إلى اليمن كون سوريا أصبح استقرارها مهماً بالنسبة لتركيا والخليجيين ومسارعة الأخيرين إلى إعادة تطبيع العلاقات مع دمشق يأتي في سياق الحصول على نسبة من جهود إعادة الإعمار في سوريا التي ستجلب فرص عمل وستدر الأموال على من سيعملون في مجال إعادة الإعمار، ويرى الخليجيون أن المشاركة في إعادة إعمار سوريا سيتطلب بالضرورة التخلص من كل الجماعات المسلحة المتطرفة وبما أن العراق ولبنان أصبحا بلدين مستقرين في المنطقة فلم يعد بالإمكان أن يتم نقل هذه الجماعات إلى هذين البلدين، ولم يبقَ سوى اليمن التي تشهد صراعاً ملتهباً وفيها مناطق واسعة جنوب اليمن خاضعة لسيطرة تنظيمي داعش والقاعدة بتنسيق مع التحالف السعودي الإماراتي، وبالتالي فإن أفضل منطقة لنقل هذه الجماعات المسلحة في سوريا هي اليمن.
تواطؤ إصلاحي مع مخطط نقل المسلحين متعددي الجنسيات المتطرفين من سوريا إلى اليمن بعد انتصار سوريا إعلام حزب الإصلاح الرسمي والموازي، تعاطى مع خبر زيارة الوفد التركي حينها، على أن الزيارة أثارت استياء الإمارات، وحاول الإصلاح تصوير المشهد على أن الإمارات منزعجة جداً من أي تقارب بين حكومة “الشرعية” وتركيا في اليمن، وهذا غير صحيح، فالإمارات ليست منزعجة من الزيارة ولو كانت كذلك لمنعت هبوط الطائرة التركية أساساً في مطار عدن كما فعلت مع طائرة الرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي، ولكن لأن الزيارة مرتب لها وتم الاتفاق بين الجميع على المهمة المشتركة التي يؤديها الوفد التركي في عدن لم تمنع الإمارات وصول الوفد التركي إلى المدينة كونه في مهمة مشتركة بين تركيا والإمارات والسعودية، إنها مهمة الترتيب لنقل الجماعات المسلحة في سوريا إلى اليمن.
زلة لسان.. صحفي إصلاحي يعترف على الهواء
الصحفي الموالي لحزب الإصلاح عبدالرقيب الهدياني والمقيم في مدينة عدن، كشف وبزلة لسان عن دور تركي في تدريب قوات لم يسمها الهدياني أو يوضح هل هي قوات يمنية أو غير ذلك، كان هذا في مقابلة تلفزيونية عبر الهاتف لقناة “يمن شباب” التابعة للإصلاح في اليوم ذاته للزيارة.
وفي المقابلة التي رصدها “المساء برس” تعليقاً على سبب الزيارة وعلى سؤال المذيعة عما إذا كانت الزيارة تأتي في سياق بحث “الشرعية” عن بديل للإمارات بالمجيء بتركيا والاستعانة بها في المناطق الجنوبية، قال الهدياني: “ينبغي علينا التأكيد على أن هناك العديد من الدفع الأمنية التي تتلقى تدريباً منذ أشهر في تركيا، وإدخال تركيا إلى الواجهة والاستعانة بها في تحسين الوضع الأمني في عدن صارت ضرورة وإن كانت قد تأخرت، لا ينبغي السماح للإمارات أن تحتكر المشهد في عدن والمناطق المحررة هذا الاحتكار لم يعد لصالح هذه المحافظات ولا للشرعية ولا لتطبيع الحياة فيها وبالتالي لابد من إدخال تركيا، تركيا لديها مهارات وقدرات ولديها إنجازات في معظم المناطق والدول التي تدخلت فيها كالقرن الإفريقي وبالتالي نستفيد من هذه الخبرات”.
فريق تركي سيتواجد في اليمن بتوافق إماراتي سعودي
التأكيد الآخر على أن مهمة تركيا في اليمن تأتي في سياق نقل المقاتلين والجماعات المسلحة المتطرفة من سوريا إلى اليمن بشكل سلس وهادئ وبدون أن يثير الانتباه كي لا تقع أطراف الخطة في دائرة الاتهام أمام المجتمع الدولي والأمم المتحدة ولجنة الخبراء الأمميين، هذا التأكيد جاء على لسان نائب وزير الداخلية التركي نفسه والذي كشف، حسب ما نقلته وكالة سبأ – نسخة الرياض – التابعة لـ”الشرعية”، عن “صدور توجيهات مباشرة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتكليف فريق تركي للتواجد في اليمن لدراسة ورصد أهم الاحتياجات التي تتطلب تدخلاً إغاثياً وإنسانياً سريعاً”، الأمر الذي اعتبره مراقبون أنه تأكيد على أن لتركيا بتنسيق مع التحالف دور خلال الفترة المقبلة في اليمن، وأن الإشارة إلى أن هناك فريق تركي سيظل متواجداً في اليمن هو ما يعزز شكوك المهمة التي ستنفذها أنقرة في البلاد وبتنسيق مع التحالف.
المراقبون اعتبروا أيضاً أن ورود فقرة “مؤكداً أن هدف الزيارة يتمحور في تقييم الاحتياجات في المجال الإنساني وتعزيز ورفع مستوى الترتيب والتنسيق لتنفيذ عدد من المشاريع الإغاثية في اليمن” ضمن خبر “سبأ”، يؤكد أن القائمين على صياغة الخبر والتغطية الإعلامية للزيارة، تعمّدوا استباق أي تحليلات سياسية للزيارة بالزعم أنها لأهداف إنسانية فقط، ولو لم يكن ذلك صحيحاً فما الداعي لأن يعيد نائب الوزير التركي التأكيد على أن الزيارة تأتي وتتحمور حول المجال الإنساني، فهل كان المسؤول التركي يريد نفي أي اتهامات عن حقيقة الزيارة قبل صدورها أصلاً، ثم لماذا هذا التعمّد في تأكيد سبب الزيارة أنها تأتي في سياق المجال الإنساني وتركيا أصلاً لها دور من قبل في المجال الإنساني في اليمن منذ بداية الحرب؟ هذه تساؤلات تعزز فرضية أن دوراً تركياً عسكرياً سنشهده خلال الفترة المقبلة في اليمن.