المعاناة والمجاعة والأوبئة هدايا بابا نويل السعودي لليمنيين في 2019!

الحرب والمجاعة والأوبئة والنزوح والانهيار الاقتصادي، عناوين باتت تقترن باسم اليمن، وترحل معه إلى العام الجديد 2019  كما تتصدر معاناة اليمنيين تقارير منظمات الأمم المتحدة وعناوين وسائل الإعلام الدولية، مع دخول البلاد العام الخامس من الحرب.
وفي ظل الدعوات المتلاحقة لإيقاف النزاع ومحاولات التهدئة في مدينة الحديدة التي يمثل ميناؤها شريان الحياة للبلاد، أعلن مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك عن الحاجة لتوفير أربعة مليارات دولار أميركي خلال 2019، من أجل توفير المساعدات الإنسانية والتخفيف من معاناة اليمنيين الذين تقتلهم المجاعة إلى جانب الحرب والأوبئة التي تفتك بهم.
ووصفت حنان البدوي مسؤولة الإعلام والاتصال بمكتب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، العام المنصرم 2018 بـ”الفترة السيئة على اليمنيين وما لحق بهم من معاناة إنسانية“.
والأمر ذاته كان قد أكد عليه المبعوث الخاص لليمن مارتن غريفيث، حيث قال إنه يأمل في أن يكون 2018 “آخر سنوات الصراع”، ووصف حال اليمنيين فيه بـ”المروعة“.
وكشف تحقيق أجرته وكالة أسوشييتد برس أن عمليات سرقة ونهب واسعة النطاق للمساعدات الغذائية جرت في المناطق الخاضعة لسيطرة كتائب “أبو العباس” المدعومة إماراتيا في محافظة تعز جنوبي اليمن.
الوكالة ذكرت في تحقيقها أنه رغم تدفق المساعدات الغذائية على هذه المناطق فإن سكان المحافظة على شفا المجاعة بسبب الفساد المالي المستشري فيها.
ودعا ديفيد بيزلي المدير التنفيذي في برنامج الغذاء العالمي إلى وقف هذا الفعل الشائن والسلوك الإجرامي الذي يحدث في الوقت الذي يموت فيه اليمنيون جوعاً وفق تعبيره.
وأضاف برنامج الغذاء العالمي أن مراقبيه جمعوا صوراً وأدلة تثبت نقل الأغذية بشكل غير مشروع، كما تثبت التلاعب باختيار المستفيدين منها وإن مسؤولين محليين يزيفون السجلات ويمنحون الأغذية لأشخاص لا يستحقونها، يعملون على بيعها وتحقيق مكاسب في أسواق العاصمة، وفق البيان.
من جانبه انتقد رئيس اللجنة الثورية العليا في اليمن محمد علي الحوثي بشدة مزاعم برنامج الغذاء العالمي حول إساءة توزيع المساعدات والتهديد بالتوقف عن تزويد أعداد كبيرة من المحتاجين بالغذاء في اليمن، مؤكدا أن موقف البرنامج استند إلى إجراءات غير صحيحة، كتعميم الاتهامات، وعدم تقديم الأدلة، وعدم التخاطب عبر القنوات الرسمية، وهو ما يوضح أن الهدف هو التشهير، وتلبية أغراض سياسية لا إنسانية، محذرا من أن يكون محاولة من قبل البرنامج للتنصل عن مسؤولياته في مواجهة خطر المجاعة في اليمن.
وحمل رئيس الثورية العليا برنامج الغذاء العالمي المسؤولية عن شراء كميات من الأغذية الفاسدة لا تصلح للاستهلاك الآدمي ومحاولة إدخالها إلى الجمهورية اليمنية، لافتا إلى توفر الوثائق والأدلة على ذلك.
ودعا الحوثي البرنامج وغيره من المنظمات الإغاثية إلى الإفصاح عن السبب وراء عدم توريد أي سفينة عام ٢٠١٨ ميلادية تحمل الأدوية، رغم الأوبئة والأمراض والفشل الكلوي وعمليات القتل والجرح اليومية التي ترتكبها دول العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي وحلفائها في قصفها لليمن.
ويعتقد المراقبون ان المستقبل لا يزال قاتما أمام اليمنيين، ان هنالك الكثير من العقبات التي لا تزال تواجه اليمنيين، من أجل استعادة دولتهم وتحقيق الاستقرار الاقتصادي وإنهاء المعاناة الإنسانية التي ترحل معهم للعام الخامس على التوالي.
ولعل أبرز الأسباب التي تثير مخاوف اليمنيين من استمرار أزماتهم الإنسانية خلال العام الجديد وفقا لتقارير دولية، هو استمرار الحصار الذي يفرضه التحالف السعودي الإماراتي على البلاد، واتخاذه تدابير متشددة فيما يتعلق باستيراد السلع الأساسية وتحكمه بالمنافذ الحيوية للبلاد كالموانئ وحتى المطارات، إضافة لانقطاع مرتبات ما يقرب من مليون موظف يمني وهو ما يهدد بمفاقمة الأعباء عليهم ويدفعهم إلى بئر الفقر.
وبناء على معطيات الأمم المتحدة وأرقامها حتى نهاية 2018، فإن نصف سكان اليمن -حوالي 14 مليونا- لا يزالون يواجهون خطر المجاعة، كما أن هناك ثمانية ملايين لا يعرفون من أين يمكنهم الحصول على وجبتهم التالية، فيما بات ثلاثة أرباع السكان -أكثر من 22 مليونا- بحاجة للمساعدات الإنسانية، من بينهم أكثر من 11 مليونا يصنفون باعتبارهم في “حاجة ماسة” للمساعدة للبقاء على قيد الحياة.
وليست المجاعة وحدها ما يهدد حياة اليمنيين الذين كشفت تقارير دولية أن أعدادا منهم باتت تأكل أوراق الشجر، حيث تضاعفت أعداد المصابين بالأمراض والأوبئة يوما بعد آخر نتيجة استمرار الحرب وارتفاع أعداد النازحين الذين يقدرون بأكثر من ثلاثة مليين يمني مع الدخول إلى عام 2019.
ولا تقف حرب الأمراض عند هذا الحد، بل إن مئات الآلاف من اليمنيين يعانون من الإصابة بالفشل الكلوي والسرطان وأمراض القلب، ومعاناة هؤلاء في ظل الحرب تزداد ولا سيما أن أغلبهم لا يجدون فرصة السفر للعلاج في الخارج، بسبب إغلاق مطار صنعاء الدولي فضلا عن عجزهم عن توفير تكاليف العلاج.
ومع بداية العام الجديد، يأمل اليمنيون في أن تتخذ الحكومة المستقيلة مزيدا من الخطوات الحازمة لإنقاذ اقتصادهم الوطني، من خلال اتخاذ المزيد من التدابير لمعالجة انهيار الريال اليمني بعد أن فقد أكثر من 30% من قيمته خلال الأشهر الأخيرة من عام 2018، وهو ما نتج عنه زيادة في أسعار المواد الغذائية بأكثر من 300%، بالإضافة إلى زيادة مشابهة في أسعار المشتقات النفطية بحسب الباحث الاقتصادي اليمني عبد الواحد العوبلي.
وفيما يدخل اليمنيون العام الجديد بطموحات وآمال بأن يكون عام نهاية الحرب والمجاعة والأوبئة في بلد كانت السعادة يوما جزءا من اسمه، يخشى قطاع كبير منهم من أن يدشن هذا العام دخول بلادهم عامها الخامس في حرب بين قوى إقليمية، لم يكن اليمنيون سوى وقود لها.
ولايبدو ان دول العدوان السعودي الإماراتي على اليمن جنحت للسلام وإيجاد مخرج سياسي للأوضاع هناك فبعد حالة الأمل التي طغت على معظم اليمنيين خلال الأيام والأسابيع الماضية بإيقاف الحرب على بلادهم وإحلال السلام خاصة بعد التوافق الغامض في السويد عادت المؤشرات للوراء نتيجة استمرار الخروقات والتصعيد من قبل هذه الدول وما تحيكها من مكائد سياسية لليمن واليمنيين.
مصادر يمنية مطلعة كشفت أن اتفاق السويد يواجه انتكاسة كبيرة بعد فشل الفريق الأممي المستقر في الحديدة في إيقاف الخروقات المستمرة من قبل قوات المرتزقة والقوات الأجنبية المتمركزة في محيط مدينة الحديدة وعلى امتداد الساحل الغربي، كما فشلت الأمم المتحدة في فتح طريق الحديدة صنعاء إثر تعنت قوات المرتزقة ورفضهم الانسحاب من الخط الفاصل بين كيلو 5 حتى كيلو 16 في هذه الطريق.
وكانت قوات الجيش واللجان الشعبية أعلنت عن تنفيذها المرحلة الأولى من عملية إعادة الانتشار وانسحابها من موانئ الحديدة التي نص عليها الاتفاق وسلمت هذه الأماكن لقوات خفر السواحل.
غير أن دول العدوان رفضت هذه الخطوة وقالت إن هذه الموانئ يجب أن تسلم إلى قواتها، في إشارة واضحة لعرقلة عملية السلام في المدينة والخروج عن نص اتفاق ستوكهولم، وهو ما يمثل انتكاسة حقيقة وكبيرة للعملية السياسية والسلام في اليمن.
خروقات وتفسيرات العدوان للاتفاق الحاصل لم تكن فقط بشأن إعادة الانتشار الأمني في الحديدة وفتح الطرق والممرات الإنسانية، بل إن الغارات على الحديدة واستشهاد بعض المواطنين جراء القصف لازالت مستمرة، كما استقدمت الإمارات معدات عسكرية وقوات جديدة إلى الساحل الغربي، حيث أفادت مصادر يمنية أن ثلاث سفن محملة بالعتاد العسكري وصلت إلى المخاء وتم إرسال هذه القوات إلى الساحل الغربي.
ويعتبر إرسال هذه القوات مخالفة صريحة لنص الاتفاق الذي أكد على عدم إرسال تعزيزات عسكرية جديدة إلى جبهات الساحل الغربي وتشير هذه المعطيات على نية أبوظبي في الانقضاض على الاتفاق وإفشاله بعد أن فخخت الساحل بالعديد من المليشيات.
المؤشرات على انتكاسة عملية السلام وعدم رغبة دول التحالف لم تقتصر على الساحل الغربي واتفاق السويد بل ظهرت خلال الأيام الماضية مؤاشرات كبيرة جداً على نية السعودية في استمرار عدوانها.
وإذا ما أخذنا بالاعتبار كل هذه المؤشرات، يتضح جليا أن اتفاق السويد يواجه انتكاسة حقيقة، وأن نوايا دول العدوان لازالت مبيتة، وأن هذه الدول لم تمل حتى الآن من دماء اليمنيين، بل إنها على مايبدو مصرة على قتلهم بشكل جماعي، نظراً لتفاقم الأوضاع الإنسانية وانتشار الجوع والمرض، خاصة في المناطق التي يسيطر عليها الجيش واللجان الشعبية.
قد يعجبك ايضا