بعد تسعة أيام من الاتفاق الذي وقع بشأن الحديدة في العاصمة السويدية ستوكهولم بتاريخ 13 ديسمبر أصدر مجلس الأمن الدولي قراراً يؤيد هذا الاتفاق ونص على نشر قوات مراقبة أممية..
وتضمن القرار الذي يحمل رقم 2451 وهو أول قرار بشأن اليمن منذ عام 2014، على نشر قوات مراقبة أممية في الحديدة لتنفيذ نتائج مشاورات السويد، التي أتفق عليها الطرفان.
القرار الذي جاء بعد معارضة أميركية وإدخال تعديلات وحذف بعض الفقرات أبرزها الاهتمام بالشأن السياسي وكذلك التحقيق في الجرائم التي طالت المدنيين في الحديدة، حدد 14 يوماً لانسحاب القوات المتواجدة في موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، إلى شمال طريق صنعاء إضافة إلى انسحاب القوات من مدينة الحديدة في المرحلة الثانية إلى مواقع خارج حدودها الشمالية خلال 21 يومًا من موعده.
الجهات المعنية وعلى رأسها دول تحالف العدوان السعودي الإماراتي التي استمرت في خرق الاتفاق والتصعيد في الحديدة رحبت بهذا القرار وقالت انها سوف تساعد على تنفيذه.
واعتبر أنور قرقاش وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية ان القرار يرسل رسالة قوية ويشكل خطوة مهمة نحو حل سياسي دائم حسب وصفه ويأتي هذا التصريح بعد تشكيك العديد من المراقبين في النوايا الاماراتية حول الاتفاق بشأن الحديدة وتواتر الانباء عن مساعي اماراتية لتغلي الاتفاق او افشاله من خلال الجماعات المسلحة التابعة لها، هذا ورحب الجانب اليمني في صنعاء بالقرار ووصف رئيس الوفد الوطني المفاوض محمد عبد السلام القرار بالخطوة الإيجابية، رغم وجود ملاحظات ومآخذ على بعض مصطلحاته ومضامينه. وأعتبر عبد السلام قرار مجلس الأمن الجديد أنه خطوة مهمة نحو وقف العدوان وفك الحصار، تمهيداً للحل السياسي الشامل. كما استنكر عبد السلام الموقف الأمريكي الرافض إدراج بند التحقيق في الانتهاكات المروعة التي حدثت بحق اليمنيين.
إلى ذلك وصف عضو الوفد الوطني المفاوض عبد الملك العجري القرار 2451 بالمتوازن إلى حد ما موضحاً أنه سيساهم في تثبيت وقف إطلاق النار في الحديدة.
وأشار العجري إلى أن القرار 2451 يعد متقدماً مقارنة بالمواقف السابقة ويعتبر تجاوزاً ضمنيا لمضمون القرار 2216.
ويرى العديد من المراقبين أن المجتمع الدولي من خلال تبنى مجلس الأمن لهذا القرار وتأكيد المجلس وتأييده لاتفاق السويد، اختار فعلياً الحلول السياسية للأزمة اليمنية، ويعتبر توجه جديد نحو إيجاد حلول ناجعة وخطوة في الاتجاه الصحيح نحو إيقاف العدوان السعودي الإماراتي على اليمن.
ويرى العديد من المراقبين ان في هذا القرار والاتفاق مكاسب سياسية وعسكرية واقتصادية للجان اليمني في صنعاء ويعتبر هذا القرار والاتفاق الذي حصل في الحديدة أول ربح سياسي للقوى الوطنية في صنعاء. حيث استطاع الفريق المفاوض في السويد الخروج بعدد من المكاسب السياسية والاقتصادية والعسكرية حول الحديدة.
وتتمحور حول النقاط التالية:
اولاً: الاتفاق والقرار الدولي الأخير جٓنب مدينة الحديدة ومؤانها الخراب والدمار وهذا له دور في تجنب المزيد من التدهور في الوضع المعيشي والإنساني للمواطنين في الحديدة، والمناطق التي تخضع تحت سيطرة الجيش واللجان الشعبية خاصة في ظل الحصار واستمرار القصف وتعاظم المأساة الإنسانية.
ثانيا: الاتفاق جنب سقوط أو محاصرة المدينة في يد دول العدوان ومرتزقتهم خاصة الامارات وملشياتها المتطرفة التي تعتبر إمتداداً لداعش والقاعدة ،وكذلك قوات طارق عفاش.
ثالثا: الاتفاق أجهض الخطة الاماراتية في وضع يد لها في المناطق الشمالية ومحاصرة صنعاء ،والمناطق الشمالية وتقوية شوكة الجماعات المرتبطة بها، وأعطاهم مكان في مناطق الشمال لإدارتها وتكوين قوة سياسية جديدة تتبع الامارات في الشمال على غرار المجلس الانتقالي الجنوبي ومليشياته.
رابعاً: الإتفاق حيد وجمد جبهة طويلة تقدر ب٢٠٠ كيلو متر من القتال، وهذه نقطة مهمة جداً وفيها فائدة كبرى للجيش واللجان الشعبية اليمنية ،نظراً للوضع الجغرافي المفتوح والغير مناسب للقتال بدون تغطية جوية في الساحل. حيث كانت هذه الجبهة منطقة إستنزاف للجيش واللجان الشعبية نظراً لتفوق العدوان في المجال الجوي والأسلحة، خاصةً المدرعات، وتحييد هذه الجبهة عن القتال يعتبر إنتصار كبير وسوف يكون له إنعكاسات إيجابية على باقي الجبهات إذا لم تتوقف الحرب كلياً.
خامساً : الإتفاق تقريباً رفع الحصار البحري المفروض على المناطق التي يسيطر عليها الجيش واللجان الشعبية، وهذا ما سينعكس على الوضع في الداخل من خلال وصول المساعدات وكذلك البضائع واهما الأدوية والمواد الغذائية والوقود، التي تشهد بعض الأوقات إنعدام تام في صنعاء والمناطق الأخرى.
سادساً : الإتفاق أضعف حكومة هادي وقلم أظافرها، ولم يعطها أي دور او تواجد في الحديدة، وهي التي كانت تطمع للعودة الى الحديدة والسيطرة على المدينة.
سابعاً : الإتفاق أضعف القرار الأممي السابق وأدخل اليمن مرحلة جديدة يعتبر فيها صوت السياسية والحوار والحلول هو الحل اولاً. وثانيا أصبح هذا الموضوع هو المرجح والمرغوب لدى المجتمع الدولي والأطراف الدولية، كما أنه قد يفتح الباب لإيجاد تسوية ومصالحات في تعز ومناطق أخرى، اذا فعلاً ارادت السعودية الخروج من مأزق اليمن والجنوح للسلام وإيقاف العدوان.
ثامناً: الإتفاق جعل من حركة أنصارالله ند لحكومة المرتزقة وطرفاً سياسياً معترف به دولياً، لذلك يمكن الجلوس معه وإيجاد أي حل سياسي بعيداً عن المصطلحات والمفاهيم التي حاولت السعودية تسويقها عن أنصارالله والقوى الوطنية في صنعاء خلال أربعة أعوام من العدوان.
وأخيراً ولكي نكون محقين ، يجب الإعتراف أيضاً أن دول تحالف العدوان خاصةً السعودية ربحت هي الأخرى هدف إستراتيجي مهم من هذا الاتفاق وهو إبعاد الخطر عن ناقلاتها النفطية وآلياتها العسكرية في البحر الاحمر ومضيق باب المندب، حيث أن الاتفاق ينص على إنسحاب الجيش واللجان الشعبية الى مناطق بعيدة قليلا عن الساحل كما أن الإتفاق قد يوقف جميع العمليات العسكرية في البحر وهذا يُعد مكسب لدول العدوان، غير أن هذا لا يعني أنهم سوف يكونوا بعيدين عن الضربات الصاروخية القادمة من العمق في حال إستمر عدوانهم على اليمن.