التسول في مواجهة الجوع !
تقف أميرة قرب نافذة سيارة، على مقربة من تقاطع “القيادة” وسط العاصمة اليمنية صنعاء، تستعطف السائق ليمنحها مالًا، “الله كريم”.. يرد السائق على أميرة، وهي تعول أسرة وفيرة أطفال.
حينها انسحبت إلى سيارة أخرى تقف ضمن عشرات من السيارات، وتمكنت من أن تمر على معظمها، وجمعت 200 ريال (0.4 دولارا).
ليست أميرة وحدها من تقف في ذلك التقاطع، بل يشاركها متسولون يتجاوز عددهم في ساعات الذروة الخمسين.
لكن كثرة المتسولين لا تكون غالبًا في صالحهم، فكما تقول أميرة: “عندما نكون كُثر لا أحد يهبنا المال”.
وتضيف أن التسول هو مصدر دخلها الوحيد، فراتب زوجها الزهيد، الذي يعمل جامعًا للقمامة، لا يستطيع توفير احتياجاتهم، إذ أن “كل شيء سعره مرتفع”.
واضطر كثيرون إلى التسول، تحت وطأة حرب مستمرة منذ أكثر من أربع سنوات.
التسول… ظاهرة
لا يكاد يخلو شارع في صنعاء من المتسولين، ولم يعد غريبًا أن يقصد متسولون مرتادي المقاهي والمطاعم لطلب الطعام والمال.
قبل اندلاع الحرب، عام 2014، ارتبط يوم الخميس أسبوعيًا بمتسولين يجولون الأسواق جماعات، لكن الوضع تغير الآن، فالمتسولون يجولون المدينة يوميًا.
يقول شهاب صالح، مالك متجر للعطور في سوق الأصبحي جنوبي صنعاء، إن ظاهرة التسول تفاقمت كثيرًا خلال العامين الماضيين؛ جراء انهيار الأوضاع الإنسانية وتردي الوضع المعيشي إلى أدنى مستوى.
ويعيش نحو مليون موظف، يعملون في القطاع الإداري العام في اليمن، بلا رواتب منذ أيلول/ سبتمبر 2016 بسبب نقل حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المستقيل مقر المصرف المركزي إلى مدينة عدن.
مجاعة محتملة
“لا يوجد رقم دقيق أو حصيلة محددة بعدد المتسولين في اليمن”، كما يقول مصدر في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، يكتفي بالقول إن التسول انتشر بسبب انهيار الأوضاع جراء الحرب.
وخلّفت الحرب أوضاعًا متردية للغاية، جعلت معظم السكان اليمن، البالغ عددهم نحو 27.5 مليون، بحاجة إلى مساعدات، في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حسب الأمم المتحدة.
ورغم الأعداد الكبيرة للمتسولين في صنعاء، إلا أن عددهم أكبر بكثير في مدن وبلدات الساحل الغربي لليمن، حيث فر سكان القرى من منازلهم، وأصبحوا يعيشون على “ذل التسول”.
وحذر صندوق الأمم المتحدة للسكان، في تقرير مؤخرًا، من أنه تلوح في اليمن مجاعة محتملة ستكون الأسوأ في تاريخ العالم الحديث.
وأوضح الصندوق أن المجاعة قد تعرض حياة ما يقدر بمليونين من النساء الحوامل والمرضعات اللاتي يعانين من سوء التغذية، لخطر الموت.