«هيكل» سيارة يأوي عائلة نازحة من الحديدة إلى عدن
تعيش أم محمد وأبناؤها النازحون من مدينة الحديدة الساحلية، داخل سيارة صغيرة في مديرية المعلا بمدينة عدن منذ أكثر من 4 أشهر، بعد أن تخلى عنها أقرب الناس إليها وتركوها عرضة لقسوة الحياة تتجرع مرارتها يوما بعد آخر.
لم تلتفت إلى هذه العائلة المكونة من 3 أشخاص، أي جهة من الجهات التي تتدعي العناية بالنازحين، لا من الحكومة «الشرعية» أو المنظمات الإغاثية.
هذه الأسرة نزحت مع الفارين من مدينة الحديدة الساحلية، بعد مهاجمتها من قوات «الشرعية» بإسناد من «التحالف».
تقول أم محمد في حديثها «نزحنا من الحديدة جراء القصف الذي يتبادله أطراف النزاع المسلح في المنطقة التي نسكن فيها، والوضع المعيشي هناك سيئ جداً».
ظروف مادية قاهرة
وتضيف «نزوحنا من الحديدة كان لأجل البحث عن حياة أفضل ممّا نحن عليه من عيش متردٍّ وظروف مادية قاهرة، ولكن من المؤسف أن حالنا انحدر من سيئ إلى أسوأ، وبالمقارنة بحالنا في الماضي فقد كان أفضل مما نحن عليه الآن، حيث كان ولدي يجد أعمالا نحصل من خلالها على قوت يومنا، بعكس ما نحن عليه في الوضع الراهن، حيث بحث عن عمل ولم يجد».
تحصل أم محمد، على بعض الطعام من جيرانها الذين يفتحون لها أبوابهم عندما تطرق عليهم من أجل الذهاب لقضاء حاجتها.
وكانت أم محمد، قد أصيبت في يدها اليمنى، في مدينة الحديدة بشظايا قصف متبادل بين الأطراف المتحاربة، ولم تشف من الإصابة حتى الآن.
تقول أم محمد «أصبت بهذه الجروح عندما سقطت قذيفة بالقرب من منزلنا، وتعالجت بعد الإصابة ولكني لم أشف، ومازالت يدي حتى اليوم تؤلمني، ويوجد لدي تقرير طبي بضرورة مواصلة العلاج، ولكن للأسف لم نجد لقمة نسد بها جوعنا، فمن أين لنا بقيمة العلاج؟!».
خلاف أسري
أم محمد، امرأة أربعينية ومطلقة لديها 4 أولاد اثنان ذكور، وبنتان متزوجتان، الأولى في محافظة الحديدة، والأخرى في مدينة دار سعد، وقد فضلت الأم عدم الذهاب إلى إحداهما، لأنها «لا تريد خراب بيوتهما»، وبعد وصول هذه الأسرة إلى عدن سكنت الأم عند شقيقها الذي يقطن في جبل المعلا، لفترة لا تتجاوز الشهرين، ولكن الظروف المادية الصعبة، بالإضافة إلى خلاف نشب بين الأبن الأكبر وخاله، جعلها تغادر المنزل.
وتعاني أم محمد، وأبناؤها الاثنين، الذين تتراوح أعمارهم بين ٨ سنوات و١٨سنة من طفح المجاري في المنطقة التي تعيش فيها حالياً، بالإضافة إلى انتشار البعوض والكلاب الضالة.
يقول محمد أبن الـ ١٨ عاماً في حديث إلى «العربي» «الكلاب تأتي في الليل وتجلس تنبح بجوارنا وما نقدر ننام، وأحياناً تأتي لتشم رائحة السيارة ومن فيها، وأنا أضطر لأن أجلس صاحي لأحرس أمي وأخي الصغير، فهم ينامون في الليل وأنا في النهار».
غياب الحكومة والمنظمات
رغم استمرار غياب الدور الحكومي في متابعة النازحين من مدينة الحديدة واحتياجاتهم بعدن، وترك الجانب الإغاثي للمنظمات الدولية، إلا أن أم محمد، تشتكي أيضاً من عدم زيارة المنظمات لها ولأولادها منذ نزوحها إلى عدن. وعن سبب عدم ذهابها إلى مخيمات النازحين المتواجدة خارج عدن تقول «المخيمات المتواجدة في منطقة الرباط ومحافظة لحج، ومخيمات الصحراء، تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، هناك ارتفاع درجة الحرارة أكثر من هنا، لا توجد بها حمامات، ولا فراشات للنوم، ولا مياه».
تكشف قصة أم محمد، كيف أن العشرات من المنظمات المحلية وغيرها من المنظمات الدولية التي تتمركز في عدن، تهتم في نشاطها بالإعلام أكثر من التخفيف من معاناة من تقول إنها جاءت لإغاثتهم، كما أن ما تجود به غالباً ما يظل طريقه، ليصل إلى من لا يحتاجه أصلاً