اليمن يعاني الجوع.. والسعودية تقصف مطاحن البحر الأحمر
Share
“مطاحن البحر الأحمر تعني رغيف الخبز للمواطنين اليمنيين”، هذا ما قاله نائب وزير الخارجية حسين العزي بعدما تعرضت مطاحن البحر الأحمر بمحافظة الحديدة للقصف من قبل قوى التحالف السعودي. فماذا يعني استهداف هذه المطاحن في بلد يعاني نصف ابنائه من الجوع؟ وما هي مسؤولية المجتمع الدولي الذي التزم الصمت تجاه هذا التحالف السافر الذي يستهدف قوت الشعب اليمني؟
أفادت مصادر محلية في محافظة الحديدة عن تعرض مطاحن البحر الأحمر شرق المدينة للقصف من قبل قوى التحالف بعشرات الغارات الجوية، مؤكدبن تدميرها بالكامل.
وتعد مطاحن البحر الأحمر المطاحن الوحيدة العاملة في اليمن التي تغذي الملايين، واستهدافها يُعتبر عقوبة جماعية تستهدف المواطنين اليمنيين جميعهم بالتجويع.
تحذير أممي مسبق
كانت الأمم المتحدة قد أعربت عن “قلقها الشديد” حيال مطاحن وصوامع محافظة الحديدة اليمنية، الشهر الماضي، وحذرت من أن تدميرها ستكون له آثار بشرية فادحة. حيث قالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن ليزا غراندي في بيان: “مطاحن وصوامع الحديدة تطعم الملايين.. نشعر بقلق بالغ حيال مطاحن البحر الأحمر التي تحوي حاليا 45 ألف طن متري من الغذاء وهو ما يكفي لإطعام 3.5 مليون نسمة لمدة شهر.. إذا دمرت المطاحن أو تعطل عملها ستكون التكلفة البشرية فادحة”.
الأمم المتحدة التي حذرت الشهر الماضي من مغبة استهداف المطاحن المركزية في الحديدة، لم يصدر عنها حتى الآن أي بيان حول استهداف المطاحن التي تنتج ما يُعادل 2000 طن يومياً من الدقيق الأبيض؛ وتستوعب عشرات الآلاف من الأطنان من القمح والدقيق، وتعد واحدة من أكبر المخازن المركزية في اليمن، وركناً أساسياً من أركان الأمن الغذائي في اليمن.
تدمير المطاحن المركزية يعد انتهاكا صارخا لكل القوانين الانسانية
المتحدث باسم قوات «الإنقاذ» العميد يحيى سريع، أكد أن «طيران التحالف استهداف مطاحن البحر الأحمر بعشرات الغارات الجوية»، مشيراً إلى أن «تدمير المطاحن المركزية بالكامل من قبل طيران العدوان يعد انتهاكاً صارخاً لكل القوانين الإنسانية، وتحد صريح للإرادة الدولية ولكافة الاتفاقيات والقوانين الدولية، التي تجرم استهداف الأعيان المدنية بأي شكل من الأشكال».
من جانبها، دانت وزارة الصناعة والتجارة في حكومة «الإنقاذ» بشدة استهداف «التحالف» لـ«صوامع الغلال» بالحديدة والتي يخزن فيها عشرات الآلاف من الأطنان من القمح والدقيق للمساعدات الإنسانية.
وأشارت الوزارة في بيان، إلى أن «هذا الاستهداف يأتي في إطار الحرب الاقتصادية الممنهجة لتجويع الشعب اليمني وتدمير منشآته الحيوية والخدمية والاقتصادية»، مستنكرة «الصمت الدولي إزاء هذه الجريمة النكراء التي استهدفت قوت المواطنين، ضمن سلسلة من الجرائم التي يرتكبها التحالف إثر التصعيد العسكري على المحافظة وما خلفه من ضحايا».
الوزارة دعت الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية والمجتمعية إلى «تحمل مسؤوليتها والعمل على محاكمة المسؤولين عن هذه الجرائم أمام المحاكم الدولية، وتحييد المنشآت الاقتصادية من الاستهداف والقصف».
ولتغطية الجريمة، ادعت القوات الموالية للإمارات سيطرتها على «مطاحن البحر الأحمر» ، إلا أن مصدراً في مكتب الصناعة والتجارة في الحديدة نفى صحة تلك الادعاءات، مؤكداً أن «كافة المصانع القريبة من المطاحن لا تزال عاملة ولم تتوقف عن الإنتاج برغم اقتراب المواجهات منها».
واتهم المصدر «وسائل إعلام التحالف بالتحريض على مطاحن البحر الأحمر وترويج احتوائها على أسلحة ومسلحين من قوات الجيش واللجان الشعبية منذ سبتمبر الماضي»، لافتاً إلى أن «القصف المتعمد للمطاحن أدى إلى أضرار فادحة، أصابت مرافق المطاحن وآلياتها المتنوعة والحديثة والتي دخلت الخدمة مطلع العام 2016م ».
استهداف المطاحن يؤدي الى تفاقم الوضع المعيشي ويضاعف أزمة الغذاء
الاستهداف المفاجئ لـ«مطاحن البحر الأحمر»، جاء بعد شهرين من تعرضها للاستهداف من قبل طيران «التحالف»، ما قد يدفع بتفاقم الأوضاع الإنسانية في مختلف المحافظات الواقعة تحت سيطرة حكومة «الإنقاذ»، في ظل تدهور الأوضاع المعيشية للمواطن اليمني، وهو ما قد يضاعف أزمة الغذاء ويوسع نطاق حجم الاحتياجات العاجلة المنقدة للحياة.
الادارة الاميركية تتخذ سياسة تجويع الشعب اليمني
تزداد وحشية قوى تحالف الأمريكي السعودي على الشعب اليمني يوما بعد يوم.. فكلما فشلت وسيلة من وسائلهم العدوانية استخدموا وسيلة أشد فتكا وإيلاما في حق المواطنين البسطاء؛ لم يكفهم قتل الأطفال والنساء والآمنين، لم يكفهم تدمير المنازل على رؤوس ساكنيها، لم يكفهم تدمير البنية التحتية، لم يكفهم الحصار المفروض على الشعب اليمني منذ أكثر من ثلاثة أعوام ونصف.. كل هذا لم يكفهم.. تزداد حدة حقدهم على الشعب اليمني المقاوم إلى درجة رفع حدة الحصار الاقتصادي وصناعة سياسة جديدة لتجويع الشعب اليمني لم يستخدمها أي نظام مجرم من قبل.. هنا تتفنن قيادة التحالف في وسائلهم الإجرامية التي تهدف إلى قتل وتوجيع أكثر من 25 مليون نسمة.
التجويع وضرب الاقتصاد، أحد أساليب التحالف السعودي
منذ بداية العدوان السعودي الاماراتي على اليمن استخدمت الرياض وابو ظبي عدداً من الاساليب غير العسكرية لاخضاع اليمنيين واجبارهم على الاستسلام، غير ان الحرب الاقتصادية والتجويع الممنهج لملايين اليمنيين دخل في الاونة الاخيرة مرحلة جديدة، حيث تفاقمت الازمة الاقتصادية بسبب الحصار وانهارت العملة اليمنية بشكل غير مسبوق اثر قيام دول العدوان بسحب العملة الصعبة من اليمن وطباعة ملايين الريالات اليمنية بدون غطاء اقتصادي.
الحرب الاقتصادية ادت ايضاً الى تفاقم الاوضاع الانسانية حيث تزايدت حالات الوفاة بسبب سوء التغذية واصبح ملايين اليمنيين في حالة فقر وجوع مطبق.
وقد نشر ناشطون يمنيون مقاطع فيديو لعدد من النازحين من مدينة الحديدة وهم يسكنون المقابر في مدينة عدن وقالوا ان الامارات والسعودية لم تقدما حتى المأوى لهؤلاء المشردين الذين تقطعت بهم السبل بسبب الحصار والقصف السعودي.
فأين هي عملية الانقاذ التي تحدثت عنها الرياض؟ ولماذا تنتهج سياسة التجويع وضرب الاقتصاد؟ وما هي مسؤولية الرياض ايضاً امام هذا الوضع الانساني الواقع في اليمن اليوم بسبب عدوانها وحربها؟
يؤكد الخبير الاقتصادي اليمني رشيد الحداد، ان هناك تهاون كبير جداً من قبل المجتمع الدولي ازاء الكارثة الانسانية التي يواجهها الشعب اليمني خاصة وهو على اعتاب العام الرابع من العدوان السعودي الاماراتي والحصار المطبق.
ويقول الحداد: “ان التحالف ينتقم من الشعب اليمني لانه رفض الوصاية السعودية، رغم ان اليمنيين لم يعادوا دول الجوار، وانما طلبوا فقط بحقهم في سيادة بلادهم والحفاظ على استقلالهم.”
ويوضح، ان سعر صرف الريال اليمني اصبح اداة حرب لدى التحالف السعودي الاماراتي الى جانب دعم اميركي، مستشهداً بتصريحات السفير الاميركي السابق ماثيو تولر الذي اكد بشكل علني للوفد الوطني في اواخر شهر اب اغسطس مطلع عام 2016، بان بلاده تعمل على ايصال الريال اليمني حتى يصبح لا يسوى الحبر الذي يبعث به.
واعتبر ان هذه السياسة هي حرب ممنهجة تستهدف كل ابناء اليمن، لافتاً الى ان التحالف السعودي الاماراتي قد دمر الاقتصاد اليمني والبنية التحتية بشكل كامل في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الجيش اليمني واللجان الشعبية على مدى الثلاث سنوات والنصف الماضية.
من جانبه، اكد الاعلامي اليمني اسماعيل المحاقري، ان التحالف منذ شن حربه على اليمن انتهج سياسة التجويع واتخذ من الاقتصاد ورقة للي ذراع الشعب اليمني وتركيعه لتمرير مشاريع وفرض اجنداته.
وقال المحاقري: ان التحالف على اليمني بالتوازي مع انعدام خياراته العسكرية لجأ الى تصعيد الحرب الاقتصادية، اضافة الى ما يدمره طيرانه من منشآت حيوية واقتصادية وكل مقومات الحياة.
واوضح، ان مرتزقة التحالف عمدت الى نقل البنك المركزي الى مدينة عدن، وقامت بطباعة المزيد من الاوراق المالية دون اي غطاء اقتصادي.
وفند الاعلامي اليمني، مزاعم السعودية بانها أنفقت حوالي 13 مليار على اليمن على شكل مساعدات خلال اعوام العدوان، وقال المحاقري: ان واقع الحال يكشف حقيقة تلاعب السعودية بالورقة الانسانية حيث تحاول بهكذا ادعاءات على تبييض صفحتها حتى تظهر بمظهر لائق امام المنظمات الانسانية، واكد ان السعودية ربما لو دفعت هذا المبلغ للشعب اليمني لتجاوز فقره ومحنته على مدى عقود من الزمن.
واوضح: انما السعودية دفعت مئات المليارات للاميركان لشراء الاسلحة من اجل قتل اليمنيين وتجويعهم.
احصائية مروعة: كل 10 دقائق يموت طفل بسبب نقص الغذاء
كشفت منظمة “اليونيسف”، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أرقاما وإحصائيات مروعة عن الظروف التي يعيشها الأطفال في اليمن، خلال الحرب المستمرة منذ سنوات.
وقال خيرت كابالاري، مدير “اليونيسف” الإقليمي في الشرق الأوسط لشمال أفريقيا في مؤتمر صحفي، إن 1.8 مليون طفل في اليمن يعاني من سوء التغذية الحاد، منهم 400.000 طفل يعانون من سوء تغذية مهدد للحياة.
كما ذكر أن نصف أطفال اليمن دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية المزمن، بالإضافة إلى 1.1 مليون امرأة حامل ومرضعة.
ولفت كابالاري إلى أن 50% من الأطفال دون سن الخامسة الذين يعانون من سوء التغذية المزمن، جميعهم لن ينموا أو يطوروا قدراتهم الذهنية الكاملة.
وتابع المدير الإقليمي: “بالتالي يجب ألا نتفاجأ بأن اليوم، هنالك طفل يموت كل 10 دقائق من أمراض ممكن الوقاية منها بسهولة”.
كما تحدث كابالاري عن مياه الشرب، مشيرا إلى أن الأطفال تعاني من الإسهال المزمن لأن مياه الشرب لم تعد متوفرة للعائلات، والسبب أن اليمن بلد تعاني من شح المياه
حيث يجب أن تضخ من الآبار والحفر التي عمقها 1.5 متر وبالتالي تحتاج لمضخات كبيرة، هذه المضخات تحتاج إلى وقود، ولسوء الحظ ترتفع أسعار الوقود ولهذا أصبحت أسعار مياه الشرب باهظة الثمن وغير متوفرة لأعداد كبيرة من العائلات.
وأكد أنه “مازال 30 ألف طفل دون الخامسة يموتون كل عام من أمراض ممكن أن نمنعها إذا ما قمنا بالقضاء على سوء التغذية”.
سياسة التجويع لا تُركع الشعوب الحرة
في ظل سياسة التجويع والموت البطي لدول التحالف على الشعب اليمني بأكمله والحصار الخانق الذي تجاوز الأربعة أعوام بحرا وبرا وجوا، لا يقضي على جماعةٍ محدد بمفردها ، كما يدعون أعداء الوطن، وإنما يقضي على شعب له تاريخ عريق يحتل الألاف من القرون ويختلف بأطيافه الدينية والمذهبية ، وفي فلسطين، كما في غزة تعيشها الان والكثير من شعوب العالم يحاصرون في شتى بقاع الأرض .
سياسة التجويع للتركيع والانبطاح اتخذتها الأنظمة والقيادات المستبدة ضد الشعوب المختلفة ، فالمصالح تتقدم على الأعراف، والقوانين، فليس هناك مبدأ يُحترم، ولا قانون يُعظّم، او عدم امتلاك الحجة والبرهان فتعلوا بهما، و اتخذت من سياسة المال وكنزه في يدها القوة التي تملك الرقاب، وتذل بها الكبار. شتان بين الدليل والحجة والبرهان الذي يجمع العقلاء والحكماء..
وأخيرا.. يظل الشعب اليمني شعبا مقاوما ومقاتلا حتى الانتصار على قوى التحالف الأمريكي السعودي ورفع الوصاية الدولية واستعادة السيادة الوطنية بما يكفل للشعب اليمني حريته واستقلاله في مختلف مجالات الحياة.