نازحو الحديدة في صنعاء يواجهون ظروفاً قاسية منذ أكثر من٣ أشهر
قصة إنسانية
تسبب النزاع المتصاعد في محافظة الحديدة في نزوح آلاف السكان حيث شكلت صنعاء الملاذ الأكبر للسكان الذين فروا من منازلهم الواقعة في قلب الصراع بسبب انعدام الأمن وزيادة نسبة الفقر وسوء التغذية وتفشي الأمراض. ويتعرض النازحون منذ ثلاثة أشهر لمخاطر جسيمة بما فيهم المسنون والحوامل وأشخاص مثقلون بأعباء أمراض مزمنة ويحملون على عاتقهم مسؤولية توفير الرعاية لأطفالهم.
تحولت مدرسة أبو بكر في صنعاء لمركز عبور للعديد من العائلات النازحة من الحديدة ممن لا يمتلكون أي ملاذ آخر. ومن خلال شراكتها مع البنك الدولي في إطار مشروع الصحة والتغذية الطارئ، تقوم منظمة الصحة العالمية بتزويد مرفق العبور بأدوية الطوارئ والمستلزمات الطبية الأساسية. كما مكن الدعم المقدم من مكتب المساعدة الأمريكية الخارجية للكوارث (OFDA) منظمة الصحة العالمية من توفير الأدوية لـ ٢٠٠ مريض يعانون من ارتفاع ضغط الدم والسكري والذهان.
تشرد ونزوح قسري
تعاني العديد من الأسر النازحة من الحديدة من صعوبة تحمل الطقس البارد في صنعاء ولم تتأقلم معه بعد. بالإضافة إلى ذلك تسكن هذه الأسر في مساحات ضيقة، وتعيش أكثر من أسرة معاً في فصل واحد. ويبقى هم الأسرة الأول هو سلامة وأمان أطفالهم.
توجد أيضا الكثير من الأسر النازحة التي تعيلها نساء، والبعض منهن مثقلات بالأمراض المزمنة ومسؤولية رعاية الأطفال وهموم توفير لقمة العيش. تبدو أجساد النازحين متعبة وهم يواجهون ظروفاً مأساوية غاية في الصعوبة.
يلعب الأطفال في فناء المدرسة، غير مدركين لواقعهم وبعدهم عن ديارهم. يركضون ويضحكون كما يفعل الأطفال عادة. تبدو على وجوههم الفرحة ولكن لا تزال ذكريات الحرب والنزوح تروعهم. ولا يزال واقعهم المر الذي يجبرون على تحمله حاضراً.
لا يوجد طفل يستحق أن يعيش قسوة بهذه الجسامة في مثل هذا العمر، ولكن الأطفال النازحين في اليمن يعانون من هذه الحياة بشكل يومي.
سما، فتاة في مقتبل عمرها، نزحت لمدرسة أبو بكر واضطرت أن تنام على الأرض حتى تمكنت من استخدام إحدى الفصول الدراسية ملاذاً لها. تنام سما على فراش مهترئ ورقيق٬ ومع ذلك لا تغيب الابتسامة على وجهها. تقول شقيقة سما: “هربنا من منزلنا لا نحمل شيء غير محافظنا والملابس على أجسادنا”. تحتاج سما إلى كل الهدوء الممكن لأنها تعاني من ورم في المخ. “لا تزال تفقد وعيها من حين لآخر. ولولا مساعدات أهل الخير، لم نكن لنستطيع شراء الجرعة اليومية من الدواء لها،” تضيف والدة سما.
ندى أم لأربعة أطفال. نزحت من مديرية الميناء في الحديدة. حيث أقلتها حافلة مكتظة إلى صنعاء. عند وصولها، لم يكن لديها أي مكان تذهب إليه. حتى قبل اندلاع الصراع، كانت ندى تعاني من توفير المأكل والمشرب لعائلتها.
“سمعنا أصوات الطائرات والصواريخ التي ضربت المدينة، وكانت الدبابات قد توغلت في الأحياء. كنت في حالة رعب وقلق شديد على سلامة عائلتي واضطررت للهرب من المدينة”.
وتستذكر: “تم إغلاق المستشفيات والصيدليات ولم يعرف الناس إلى أين يلجأون. أصبحت الحديدة بمثابة مدينة أشباح ودوي القصف يملأ المدينة”.
لا يوجد لدى ندى غرفة في المدرسة بعد، لذا فهي تجلس في أحد الأروقة حيث تنام طفلتها المريضة البالغة من العمر سنتين على فراش يتقاسمه الجميع. “لا أعرف مما تعاني ابنتي، ولا أستطيع تحمل تكاليف الرعاية الطبية.”
الفرار إلى المجهول
فر أحمد من منزله عندما بدأ القصف في حيه في مديرية الحالي بالحديدة. أجبره الخوف على سلامة أسرته المكونة من ثمانية أفراد على ترك كل شيء خلفه والفرار إلى صنعاء. وصل أحمد إلى صنعاء ولم يكن لديهم مسكن آمن يلجأون إليه. “لا نملك إلا القليل؛ ولسنا طرفاً من أطراف هذا الصراع. ومع ذلك فإننا نتحمل أعباء هذه الحرب،” يقول أحمد.
وبما أن الطقس في مدينة صنعاء الشمالية هو أمر لم يعتد عليه القادمون من محافظة الحديدة الساحلية يرتدي جميع أفراد الأسرة ملابس شتوية قبل حلول فصل الشتاء. تحتاج هذه الأسرة على التكيف مع عوامل كثيرة، إضافة إلى مستقبلهم المجهول الذي يزيد من ضعفهم واحتياجهم.